بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم أسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
لتدبر القرآن نحتاج إلى قلب سليم من كل أمراض القلوب .سليم من الران والأكنة التي تتكون بما كسبت هذه القلوب من ذنوب.
لأننا لنتدبر نريد قلبا يعقل القرآن
نريد أن نكون من أولي العقول لأن التدبر يأتي بالتفكر في الآيات الكونية والقرآنية.
نريد أن نكون بمصطلح آخر من أولي الألباب.
فمن هم أولي الألباب ؟
ما هي صفاتهم ؟ وما هي أعمالهم؟
سورة آل عمران, الآية 190:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب
التفكر في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ليس مملا لأولي الألباب
مع أن السماء هي السماء كل يوم والأرض هي الأرض كل يوم بالنسبة لأكثر الناس .
والليل هو الليل والنهار هو النهار والشمس هي الشمس والقمر هو القمر والنجوم نراها دائما هي النجوم
أكثر الناس يرون هذه الأمور قديمة ومملة ومعروفة. لكنها لأولي الألباب آيات من آيات الله .
هي خوارق ومعجزات تقودهم ليكونوا من الموقنين بالله وتعظيمه.
سورة الأنعام, الآية 75:
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين
ابراهيم عليه السلام من أولي الألباب توصل ليكون من الموقنين من خلال تفكره في السموات والأرض
التفكر في السموات والأرض لا يؤدي لتكون من أولي الألباب فقط ولكن مع الوقت يزيد الإنسان علما وحكمة وتصبح آيات للعالمين (بكسر اللام الأخيرة) العارفين بالله
سورة الروم, الآية 22:
ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين
ولا يعرف الله حقا إلا الله . ولكن المتفكرين في آياته العظيمة في السموات والأرض هم الذين يعظمونه ويستشعرون ربوبيته عليهم فيعبدونه حق عبادته بما يستطيعون ويشعرون مع ذلك أنهم من المقصرين
سورة آل عمران, الآية 190:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب
لماذا يتفكر أولي الألباب في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ؟
لذكر الله ذكرا كثيرا فكلما توجهت أعينهم إلى مكان ذكروا قدرة الله في خلقه فسبحوه
فأصبحوا من الذاكرين الله ذكرا كثيرا فكل ما حولهم يذكرهم بربهم سبحانه فيذكرونه قياما وقعودا وعلى جنوبهم
سورة آل عمران, الآية 191:
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار
إذن أولي الألباب هم من يتفكرون لهم قلوب يبصرون بها ويتفكرون في خلق الله وهذا التفكر يقودهم لذكره قياما وقعودا وعلى جنوبهم
وهذا يعلمهم الحكمة فيدركون أنه ما خلق أيا منها باطلا
ويؤدي ذلك إلى تسبيحه بتنزيهه عن الشريك أو النقص
ويعظمونه فيستشعرون قدرته وجبروته وتدخل خشيته في قلوبهم فيستعيذون به من عذاب النار .
وهكذا كل تفكر في خلق الله يذكرنا بأننا إليه راجعون وأنه عظيم فلا بد أن عذابه أليم وشديد فيستعيذون به من النار
والمتقين وعباد الرحمن وأولي الألباب لأنهم من المتفكرين أصحاب القلوب العاقلة نجد خوفهم من الله يسبق طمعهم في دعائهم.
سورة آل عمران, الآية 16:
الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار
فهذا دعاء المتقين سألوه الوقاية من النار
سورة الفرقان, الآية 65:
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما
وهذا دعاء عباد الرحمن ولم يسألوه الجنة ولكن سألوه أن يصرف عنهم عذاب جهنم ليزحزحهم عن النار ويدخلهم الجنة
سورة آل عمران, الآية 192:
ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار
وهذا دعاء أولي الألباب
سبق خوفهم طمعهم
سورة الأعراف, الآية 56:
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين
تقدم الدعاء خوفا الدعاء طمعا
وادعوه خوفا وطمعا
سورة السجدة, الآية 16:
تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون
هؤلاء المؤمنين يدعونه خوفا …وطمعا
يسبق خوفهم طمعهم
تتجافى جنوبهم عن المضاجع خوفا وطمعا
سورة الزمر, الآية 9:
أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب
إنما يتذكر أولي الألباب.
يقومون الليل يسبق حذرهم من الآخرة رجاءهم رحمة ربهم
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ إنما يتذكر أولي الألباب.
بينما الذين لا يذكرون الله إلا قليلا وهم المنافقين فهم على العكس تماما.
يسبق طمعهم خوفهم بل يصلون في الطمع بأن يظنوا أنهم من أهل الجنة لا محالة فينامون قريري العين ولا يقومون ولا تتجافى جنوبهم عن المضاجع لأنهم شهدوا على أنفسهم وحكموا عليها أنهم من أهل الجنة يقينا
فارتاحوا وتركوا الذكر إلا قليلا وتكاسلوا عن الصلاة وناموا الليالي . لا داعي للمسارعة في الخيرات لديهم فهم قد ضمنوا الجنة
وبدلا من أن يذكروه قياما وقعودا وعلى جنوبهم يوميا هم يذكرونه عند اصابتهم بالضر فقط وعندما يكشف عنهم يمرون كأن لم يدعوه من قبل
سورة يونس, الآية 12:
وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون
هم حتى لم يذكروه لغرض ذكر الله وتسبيحه ولكن دعوه فقط لمصلحة وهي كشف الضر فقط فعندما تحققت المصلحة رجعوا للإسراف بذنوبهم مرة أخرى.