الدرس الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة الحديد : 20]
بالأمس تعلمنا ما هي الحياة الدنيا بأسمائها وصفاتها التي علمنا إياها ربنا في اﻵيات البينات.
واليوم إن شاء الله نريد أن نتحدث عن كيف أخرج الدنيا من قلبي لكي لا تؤثر على بوصلة مسيرتي وأضعها في يميني.
سنتكلم كيف أتحرر من عبودية الدنيا إلى عبودية الله الواحد القهار
أولا نريد أن نتفكر في مكونات هذه الدنيا الجاذبة كالمغناطيس.
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [سورة آل عمران : 14]
الحب يؤثر على القرارات دائما .
حبك للنوم مثلا يؤثر على قرارك للقيام.
حبك للطعام يؤثر على قرارك باتباع حمية مناسبة.
حب الشهوات أيضا يؤثر على قرارك في السير في الطريق المستقيم .
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ ((النِّسَاءِ)) وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [سورة آل عمران : 14]
نتحدث عن النقطة الأولى حب النساء أو حب الرجال بالنسبة للمرأة
حب الرجل للمرأة قد يؤثر على قرارات كثيرة في حياته وقد يجره جرا إلى مستنقع الشهوات وحب الدنيا وكذلك للمرأة.
ورأينا كم من الرجال من رموا بر الوالدين عرض الحائط بسبب حب امرأة!
وكم من امرأة باعت حريتها لتصبح أمة للرجل يسيرها كيف يشاء ويجرها جرا لبيع نفسها له.
والمؤمن لا يتأثر بهذا متبعا للقرآن وسنة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام.
المؤمن لا يورط نفسه بالخبيثة ولا المؤمنة تورط نفسها بالخبيث
(الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ …) [سورة النور : 26]
المؤمن والمؤمنة لهم قنوات أخرى شرعها الله وهو الزواج. والزواج بأنفسهم. بمعنى المؤمن يتزوج المؤمنة والمؤمنة تحسن اختيارها للمؤمن.
(وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [سورة البقرة : 221]

وكذلك المؤمنة لا تتزوج بالفاسق ولا المؤمن بالفاسقة.
(الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [سورة النور : 3]

لذلك بالاختيار السليم باتباع اسس الاختيار يتحرر المؤمن من نقطة حب النساء المؤثر على بوصلة حياته.
فالمؤمنة يحبها لأنها تعينه على العبودية لله وتشجعه لأداء بر الوالدين والانفاق ووجوه الخير الأخرى.
وكذلك للمؤمنة حب زوجها المؤمن يقودها للعبودية لله والتسابق لفعل الخيرات.
وهذا لتحقيق هدف خلقهم الرئيسي
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [سورة الذاريات : 56]

بينما تجد الفاسق والفاسقة يعبدون بحبهم بعضهم بعضا ويسعون لإرضاء بعضهم بعضا بالطاعة العمياء في غير رضا الرحمن.
فتتذبذب بوصلتهم لكثرة الشركاء في العبودية.
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة الزمر : 29]
كونك عبدا لله فقط هذا يشعرك بالراحة والسلام والوضوح في رؤية الدنيا على حقيقتها
بينما عندما تضع نفسك عبدا لله ولشركاء آخرين تريد إرضاؤهم في غير رضا الرحمن هنا تشعر بالتشتت الشديد
مثلا امرأة تريد لبس اللباس الشرعي
والله يأمرها بذلك
زوجها يرفض
والديها يعطونها حل وسط حجاب غير شرعي
صديقاتها يخبرونها عليها طاعة الزوج في قراره هذا فهو جنتها ونارها!!!!

هي تحب كل هؤلاء وتريد ارضاؤهم جميعا ولكن كل برأيه هنا تتشتت كثيرا ولا تهتدي للطريق المستقيم.
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ((وَالْبَنِين))َ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [سورة آل عمران : 14]
حب البنين قد يقود أم لإرتكاب المخالفات الشرعية من أجل اسعادهم
قد تجبر على حضور عرس ابنتها وفيه ما فيه من المخالفات الشرعية الكثيرة التي تستوجب عدم حضورها
قد يضطر الأب للتعامل بالربا لتوفير متطلبات ترفيهية تسعد أبناءه
ولكن المؤمن تعامله مع أبناءه مختلف هم ليسوا بقلبه ولكنهم بيمينه. يحبهم وحبه لهم يقوده لأخذهم لطريق الجنة وليس للتعلق بالدنيا.
منذ البدء نجد المؤمن يسأل ربه الذرية الطيبة الصالحة
(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة الصافات : 100]
هدفه من الذرية هو أن يعبد الله في الأرض يريد أن يعلمهم عبودية الله وذكره .
الهدف ليس للتمتع بوجودهم فقط وتوفير كل ملهيات الحياة لهم وجعلهم مخدرين لا يدركون الحياة الدنيا.
لذلك قرارات المؤمن لا تتأثر بحبه لأبناءه بطريقة تبعده عن الطريق المستقيم.
بالعكس فهو بحبه لهم يقودهم للطريق المستقيم.
تابع…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *