الدرس الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

نكمل معا دراسة أنواع الكبر من كتاب الله لنفحص أنفسنا ونبحث عن الشفاء في كتاب الله لهذا المرض لتتهيأ قلوبنا لتلقي القرآن فيها ومن ثم يرزقنا الله تدبر آياته.

لنأخذ الآن نوعا آخر خطير جدا من أنواع الكبر
نجده في الآية:

(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)
[سورة ص 75]

هنا ابليس رفض السجود متكبرا ومتعاليا على هذا الأمر وهو أمر من الله عز وجل له.

لتقريب المعنى أكثر ..

عندما أتكبر على شخص فأنا أرى أنني خير منه أو أهم منه أو أرى ذلك الشخص بنظرة استصغار وكأنه لا قيمة له ولا أهمية.

إذن كيف أتكبر على أمر من أوامر الله؟

أن أستصغر ذلك الأمر ولا أرى له أهمية وبالتالي لا أنفذه وأعطي ذاتي وهوى نفسي الأهمية وأرى أن تنفيذ هواي ورغباتي أهم وأفضل من تنفيذ أوامر الله.

فمثلا عندما أقرأ (ولا تقربوا الزنا)

ثم أقترب غير مبال بهذا الأمر وأرى أن هذا الامر ليس مهما طالما أنني لم أقع في الزنا فلا بأس أن أقترب وأرى رأيي واختياري خير من أمر الله وأرفض الأمر لأنه بنظري غير مهم.

ولا أنتبه أن ربي سيسألني يوما لا مرد له (استكبرت أم كنت من العالين)

مثال آخر:

عندما أقرأ (ولا يغتب بعضكم بعضا) ويكون في قرارة نفسي أن هذا الأمر ليس مهما لتلك الدرجة ولا بأس في الغيبة وأن هذا النهي غير مهم لتلك الدرجة وأنني لا استغني عن الغيبة ولا أريد التوقف عنها لأن بدونها المجالس تصبح مملة ولذلك لن أتركها. هنا أكون قد جعلت أمر الله ليس مهما وصغيرا ولا أهمية له في واقعي. فأكون قد تكبرت على أمر الله.

ورأيت رأيي خير وهوى نفسي أهم.

فابليس رفض الأمر لأنه حكم هوى نفسه ورأى أنه خير من أدم عليه السلام فرفض الإمتثال لأمر الله.

وكم من أوامر الله التي حكمنا فيها أهواءنا ورفضنا على أساسها الإمتثال لتلك الأوامر.

وكم من الحدود من حدود الله التي لم يعد بعض البلدان ينفذونها كراهية لتنفيذها مثل جلد الزناة وقطع يد السارق.

وهذا محبط للأعمال وهذا أمر خطير أن أكره أمر من أوامر الله يعني أن جبال حسناتي التي قمت بها تحبط!

(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)
[سورة محمد 9]

أن أكره الحجاب
أن اكره بر والديّ
أن أكره الزكاة
وووو… إلخ

هذا خطير !

(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ ((كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ)) ((فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ))
[سورة محمد 9]

وهذه الآية والإيمان بها وذكرها يردع القلوب أن تنجرف في هذا النوع من التكبر على أمر من أوامر الله وتجعلها مستسلمة لكل أمر من أوامره.

(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة البقرة 131]

الإستسلام لله هو ملة ابراهيم التي وصى بها بنيه ويعقوب ألا يموتوا إلا وهم مسلمون.

آخر نوع من الكبر نذكره هو أن يصل بي الأمر أن أظن أن بيدي رزق غيري ومصائرهم كما ظن فرعون بنفسه حين قال أنا ربكم الأعلى.
فالربوبية تأتي بمعنى الإمداد فظن أنه هو الذي يملك كل شيء وهو الذي يوفر لهم كل شيء وأن بدونه هم لا شيء.

وهناك من يظن بنفسه هكذا فيتكبر على من هم دونه ويهددهم بمصادر أرزاقهم بل ويهدد حياتهم وأمنهم وأمانهم ظنا منه أن الرب الأعلى.

كالمدير أو المسؤول أو الزوج أو المعلم وغيرهم.

فمن كان يعاني من هذا النوع فالشفاء هو بذكر أن:

(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)
[سورة اﻷعلى 1]

أن يتذكر أن الله هو الرب الأعلى فهو الرازق الحقيقي وبيده النعم كلها وهو المحيي والمميت وهو رب كل شيء.

فإذا اجتهدنا وكسرنا قيود كل أنواع الكبر في قلوبنا فقد تخلصنا من قفل كبير مانع من تدبر القرآن.

أتمنى منكم مراجعة الأنواع السابقة والتأكد تماما من كسر تلك القيود نفسيا ولنتابع الأقفال الأخرى في الدرس القادم إن شاء الله.
تابعونا…

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *