الدرس الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

من الأمور التي ترفع عندنا مستوى الخوف من الآخرة هو أن نستشعر عند قراءتنا لآيات اليوم الآخر أننا هناك فعلا ونتخيل المنظر ونحن فيه عندها سيتوازن معنا الخوف مع الرجاء.
سواء كانت الآيات تصف يوم القيامة أو عذاب النار وأيضا نتخيل أنفسنا في الجنة عند قراءة آيات النعيم لتحقيق التوازن.

فتعالوا معا نتخيل أنفسنا هناك..

(إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا)
[سورة الواقعة 4]

في يوم القيامة ترج الأرض رجا.

فهي تزلزل زلزالا لم تشهده الأرض أبدا.

لأقرب لكم مستوى قوة زلزالها اقرأوا الآية..

(وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا)
[سورة الواقعة 5 – 6]

هل رأيتم الجبال الصخرية الصلدة؟
من شدة زلزال يوم القيامة لن أقول أنها تهتز ولن أقول أن بعض صخورها تتساقط ولن أقول أنها تتصدع ولن أقول أنها تتكسر قطعا ولن أقول أنها تصبح كومة من الصخور.

لا!!

ركزوا معي..

(وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا)
[سورة الواقعة 5 – 6]

أي تفتتت الجبال تفتيتا حتى تصبح في نعومة ذراتها كالدقيق!

ثم تتطاير ذراتها كالهباءة.

لأقرب لكم المنظر..

هل رأيتم عندما يدخل شعاع الشمس من فتحة صغيرة فترى مثل الغبار من خلال ضوؤها؟

كل ذرة من تلك الذرات تسمى هباءة!

فإذا كانت تلك الجبال الصلدة التي لا تتأثر بالزلازل التي تهدم البنية التحتية كلها تصبح هباءا منبثا فلا تسألني عن:

مدينتك المتطورة
ولا سيارتك الفارهة
ولا عقاراتك ومبانيك
ولا قصور الملوك
ولا الجسور
ولا الشوارع

لا تسألني عنها لأن الجبال الصلدة قد أصبحت هباءا منبثا!!

(إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا)
[سورة الواقعة 4 – 6]

فقط تخيل معي المنظر وأنت تشاهده منظر يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه كل منهم يجري لنجاته ولا يفكر في غيره.

(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)
[سورة عبس 34 – 37]

بل إن الأم الرؤوم يومها تذهل عن رضيعها ولا تلقي له بالا وهي أقوى العلاقات الإنسانية!

وتضع كل ذات حمل حملها من شدة الخوف والإنفعال!

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
[سورة الحج 1 – 2]

من شدة الزلزلة ترى الناس قد ذهبت عقولهم فأصبحوا كالسكارى لا يستطيعون التحكم بأنفسهم.

لأقرب لكم شدة الرعب.

هل تتخيلون أن الأطفال يشيب شعرهم وهم لا يعرفون الحساب وقد رفع عنهم القلم. ولا ذنوب لهم؟!

(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)
[سورة المزمل 17]

فلا تسألني عن حال الكبار الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه.

ولا تسألني عن الذين سوفوا التوبة لأسباب واهية.

ولا تسألني عن من تقوم القيامة وهم منغمسين في المعصية.

الموقف عظيم والأشد أننا لا نعرف المصير. ولا نعرف أي طريق نسلكه ولا في أي زمرة نكون…

لنعرف هذا تابعوا الدرس القادم إن شاء الله..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *