الدرس الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ * إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)
[سورة يونس 6 – 9]

تأتي أهمية التأمل في عظم وثقل فوائدها.

وأولها أنها سبب لتقوى الله عز وجل لأنها :

تشعرك دائما بوجوده فتراقبه

وتذكرك باﻵخرة فتخشاه

وتشعرك بقوته وتدبيره للكون فتتوكل عليه

وتشعرك بجميل خلقه فتطمع في جنته

(إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ((لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ))
[سورة يونس 6]

من يرى في اختلاف الليل والنهار أنها آية بمعنى معجزة وعلامة تدل على وجود الله هم المتقين.

(إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ((لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ))
[سورة يونس 6]

من يرى في خلق السماوات والأرض آيات دالة على وجوده سبحانه هم

المتقين فقط.

هي آيات ولكن..

فقط !

“لقوم يتقون”

أما من يراها عادية وطبيعية هم الغافلين الذين يعرضون عن هذه اﻵيات.

(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا (((وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)))
[سورة يونس 7]

هم عشاق الدنيا ولهوها ولعبها

الذين لا يحبون أن تذكرهم بلقاء الله.

ولا يتمنونه ويشمئزون من ذكر ذلك.

هم الذين يعيشونها وكأنهم خالدين فيها

ويطمئنون لها وينسون اﻵخرة

هم بإختصار…

الذين هم عن آيات الله غافلون

فمن يتأمل ويتفكر في السماوات والأرض تجده تلقائيا يتذكر الآخرة دوما .

(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ

((وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض))ِ

رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ

((فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

[سورة آل عمران 191]

نظرتك لما حولك تعتمد على نوعها

فربما تعطيك:

معرفة فقط

وربما تعطيك ذكرا لله.

مثال:

أنظر للسماء واقول:

” اليوم السماء غائمة”

هذه معرفة

أنت تعرف أن الله خالقها ولكن في نظرتك تلك لم تذكر ذلك في نفسك.

هذه معرفة لا تفيدك في الآخرة

((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا))

(( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون))

َ * ((أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِم))

ْ ۗ ((مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَق))

ِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)
[سورة الروم 7 – 8]

في حين إن نظرت للسماء وقلت:

” سبحان من أرسل الرياح لتنشيء هذا السحاب “

أو

” سبحان من يرسل السحاب “

هذا ذكر وهذه نظرة تأمل وتفكر

أو غيرها من عبارات التسبيح لله وذكر أفعاله في الكون.

(قُلْ ((مَنْ يَرْزُقُكُمْ)) مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ ((يَمْلِكُ)) السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ ((يُخْرِجُ)) الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ((يُخْرِج))ُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ ((يُدَبِّرُ الْأَمْر))َ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ ((أَفَلَا تَتَّقُون)َ)
[سورة يونس 31]

يعرفون أنه رازقهم ومالكهم ومحييهم ومميتهم ومدبر أمورهم.

هي معرفة..

ولكنها معرفة تفتقر للذكر.

بدون الذكر ستبقى مجرد معرفة.

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ

فَقُل

ْ ((أَفَلَا تَتَّقُونَ))

((أَفَلَا تَتَّقُونَ))

((أَفَلَا تَتَّقُونَ))

لو أنهم تأملوا وتفكروا وذكروا الله لكان سببا للتقوى

(أفلا تتقون؟!)

بالأمس قلت لكم أن التأمل استثمار غيبي ..

واليوم تعلمنا من اﻵيات أنها سبب لتقوى الله .

والوصول للتقوى هو المطلوب للفوز بالجنة

فالجنة للمتقين.

للمتقين فقط!

حقا؟!!!!

تأملوا الآيات

(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ((أعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ))
[سورة آل عمران 133]

(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ((لِلْمُتَّقِينَ))
[سورة الشعراء 90]

(إِنَّ ((لِلْمُتَّقِينَ)) عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)
[سورة القلم 34]

(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ ((تَقِيًّا))
[سورة مريم 63]

ماذا عن المؤمنين؟!

(الَّذِينَ ((آمَنُوا))(( وَكَانُوا يَتَّقُون))َ * لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
[سورة يونس 63 – 64]

(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ ((آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ))
[سورة يوسف 57]

هل التقوى ضرورية ؟

هل المؤمن لا يدخل الجنة إذا لم يكن من المتقين؟!!!

(بَلَىٰ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
[سورة البقرة 81 – 82]

المؤمن الذي لم تحط به خطيئته لوقت الموت
المؤمن الغير مصر على خطيئته إلى أن يباغته الموت
المؤمن الذي يتوب من خطيئته
المؤمن الذي يعمل الصالحات

هو مؤمن متقي ويدخل الجنة.

إن الوصول للتقوى ضروري ولذلك أمر الله المؤمنين بأن يتقوه مرات عديده في آياته.

بل أيضا أمرهم بأن يتقوه حق تقاته

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِه))ِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
[سورة آل عمران 102]

التقوى التي تليق بجلاله وعظيم سلطانه

فإذا كان التأمل هو أحد الطرق المهمة جدا للوصول للتقوى

فهو إذن…

((( استثمار غيبي)))

وليس تضييعا للوقت

ولا لهوا أو هواية

تخيل أنك باستثمارك لعشرين دقيقة يوميا على الأقل في تأمل السموات والأرض وما بينهما وما فيهما وما على الأرض وما تحتها

فإنك في الواقع تستثمر هذا الوقت للفوز بجنات عرضها السماوات والأرض.

بقصورها ودورها

بحور عين وولدان مخلدون

ألا يستحق منا كل هذا أن نستثمر أوقاتنا بالذكر والتأمل والتسبيح؟

فما بالك لو كان وقتك كله ذكر وتأمل لما حولك من
مخلوقات
أحداث
سماء
أرض
بشر
وووووو…….

لكان استثمارا ناجحا بإذن الله.

و لكنت مستشعرا وجود الله طوال اليوم

لكنت خاشعا خائفا راجيا

ولما تجرأت على ارتكاب أي معصية صغيرة كانت أو كبيرة.

(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ((وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُون))َ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ ((بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
[سورة يونس 7 – 8]

من كان في غفلة عن آيات الله
من كان في غفلة عن ذكر الله
من كان في غفلة عن عظمة الله

فإن الشيطان يزين له بعض المعاصي ويوهمه أنها صغائر وأنها هينة بسيطة ولا بأس من الإستمرار فيها والإصرار عليها ولا بأس إذا لم يتب منها توبة نصوحة

غافل = يكتسب الذنوب
يكتسب الذنوب = النار

تأمل اﻵية مرة أخرى.

وسواس الشيطان يزداد ويكون أكثر إقناعا للإنسان عندما يكون في غفلة عن ذكر الله.

(وَمَنْ

((يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ))

نُقَيِّضْ لَهُ

((شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِين))ٌ

  • وَإِنَّهُمْ

((لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ))

((وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ))
[سورة الزخرف 36 – 37]

حقا يظل يحسب أنه مهتد فهو

يصلي

ويصوم

ويحج

وفي نفس الوقت يصر على

الغيبة

وعلى السخرية

وعلى الكذب

وعلى الغش

وعلى البهتان

والخوض في أعراض الناس وووو…..

ويظل يحسب نفسه مهتديا!!!

اذن نتفق الليلة على أن نستثمر أوقاتنا في

ذكر الله

وفي تأمل خلق الله حولنا

بحيث نرجع ملكهم لله ونتأمل فيهم صنع الله وتدبير الله للأمور.

وغدا إن شاء الله

نبحث عن فائدة عظيمة أخرى أنا وأنت بحاجة لها كثيرا…

تابعونا…

مشاهدة ” مقطع في التفكر في خلق الله ” على YouTube – https://youtu.be/iocZv48Dvgw

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *