بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أودع الله عز وجل في كتابه كنوزا وعلوما لو عُمِلَ بها لعشنا جنة الله في الأرض ولكانت حياتنا طيبة بلا منغصات تحطم النفس.
ولكن هناك ما يضيع علينا تلك السعادة. ألا وهي الذنوب!
فقد أدعو الله أن يرفع عني الكرب في الوقت ذاته قلبي يسيء الظن بفلان أو فلانه أنه سحرني أو حسدني.
وأنسى أنه حتى لو كان هذا صحيحا لم يكن ليصيبني سحرهم ولا حسدهم إلا بإذن الله.
(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)
وأنه لن تصيبني مصيبة إلا باذن الله
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
[سورة التغابن 11]
وأنسى أن رحمة الله لا يستطيع بشري صغير في كوكب صغير وفي مجموعة صغيرة من الكواكب في مجرة صغيرة في طرف كون في سماء هي الدنيا أن يوقف رحمة الله أن تنزل علي ولكنها الغفلة!
(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
[سورة فاطر 2]
وأنسى أنه إن أراد الله كشف ما بي من ضر فلن يوقفه سحر فلان أو حسد فلانة!
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
[سورة يونس 107]
وأتغافل عن احتمالية كوني سببا في زوال نعمة أنعم الله بها علي بذنوبي!!!
(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
[سورة اﻷنفال 53]
فلماذا أشغل نفسي في البحث عن متهمين عن الوضع الذي أوقعت نفسي فيه لأجعلهم شماعة لمصائبي ولكي أبعد عن نفسي التهمة بدلا من التركيز على نفسي والبحث عن عيوبي واصلاحها؟!!
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ ((فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)) وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
[سورة الشورى 30]
(وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ ((بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)) ..)
[سورة القصص 47]
(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ۗ)) إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
[سورة آل عمران 165]
لو تأملنا في قصص القرآن لرأينا مثالا حيا على ذلك.
صاحب الجنتين خسر الجنتين بماذا؟
هل حسده صاحبه أو سحره لأنه يغار من جنتيه عندما تفاخر بهما أمامه؟ أم لأنه هو من جنى على نفسه بتكبره وبأن نسب النعمة لنفسه؟؟
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا)
[سورة الكهف 42]
وكذلك في قصة مملكة سبأ هل حسدتها الممالك التي حولها أو تآمرت عليها أو سحرتها حسدا منهم لما حباها الله من خيرات؟ أم أنها جنت على نفسها بالإعراض عن ربها؟
(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)
[سورة سبأ 16]
وماذا عن عاد وإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وقوتهم التي قالوا عنها من أشد منا قوة؟ هل حسدوهم أم سحروهم أم تآمروا عليها؟ أم أنهم هم من جنوا على أنفسهم بكفرهم؟
(وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ)
[سورة هود 59 – 60]
هذه أمثلة بسيطة وفي القرآن غيرها الكثير وفي واقعنا أكثر بكثير.
نرمي بفشلنا على من حولنا بدلا من إصلاح أنفسنا ولو أننا نتوب ونستغفر ونعود لربنا ونلزم الإستقامة لعشنا جنة الله في أرضه.
(مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)
[سورة النساء 147]
فإن عدنا للمعصية عاد الله علينا العذاب.
(عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ۚ ((وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ۘ )) وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)
[سورة اﻹسراء 8]
لذا لا تتوهم أنك ستحصل على السعادة والثراء والحياة الطيبة إذا تعلمت أسرار القرآن وفي أفعالك معاصي تصر على الإستمرار بها كالغش والكذب والغيبة والنميمة والإفتراء والحسد وسوء الظن وووو….
لابد أولا من أن تستقم على أوامر الله كلها ما استطعت وإن زللت تب مباشرة واستغفر وأصلح ما أفسدت وأرجع الحقوق لأصحابها.
هذا تضمن استمرار النعم عندك واستمرار حياتك الطيبة.
(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ)) وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)
[سورة الرعد 11]
لذا قبل أن تتعلم أسرار القرآن ابدأ بالتغيير للأفضل وتابع الدرس القادم..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.