الدرس الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

تحدثنا في الدرسين السابقين عن الإستغفار والتقوى كونهما وسيلتان لزيادة الرزق.

واليوم سنتحدث عن أمور أخرى مثل:

الشكر : بالشكر تزيد النعم ونجد ذلك في قوله تعالى

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
[سورة إبراهيم 7]

إذن الشرط هنا هو: الشكر
والوعد هو: لأزيدنكم

إذا حققنا الشكر نلنا الزيادة وعد من الله
والله صادق الوعد.

ولكن قد يقول قائل أنا أكثر من قول (الحمد لله ) فلماذا لم يتحقق الوعد عندي؟!

نقول بأن قول الحمد لله هو جزء من الشكر وليس كل الشكر . فالشكر يشمل أمورا كثيرة منها تعظيم الله والشعور بفضله وعمل الصالحات وترك المعاصي.

يقول الله عز وجل

(…اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
[سورة سبأ 13]

إذن الشكر لا يكون بالحمد فقط بل يتعداه للعمل الفعلي للصالحات

فشكرك لنعمة البصر يشمل غض البصر عن الحرام
وشكرك لنعمة اللسان يشمل حفظه من محرمات القول وهكذا مع الجوارح الأخرى
وشكرك لنعمة المال بإنفاقه في الحلال والزكاة والصدقات.
وشكرك لنعمة الأبناء بتربيتهم على الدين الإسلامي.

وهكذا…

وفي المقابل نجد أن زوال النعم يكون بكفرها بمعنى جحودها وعدم شكرها واستخدامها في معصية الله وأن تنسب حصولها لغير الله.

(ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
[سورة اﻷنفال 53]

(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة النحل 112]

إذن بالشكر تزيد النعم
وبالشكر تدوم النعم

فإذا لم يتحقق لك موعود الله فكن بين خوف ورجاء.
خوف أن شكرك لم يكن صحيحا أو لم يكن خالصا
ورجاء أن يكون ذلك ابتلاء من الله ليؤجرك على صبرك.

ولا تظن أن بسط النعم هي كرامة لك فما زلنا في دار ابتلاء واختبار . فالدنيا يعطيها الله لمن يحب ولمن لا يحب .
اعطاها لفرعون وقارون وهو لا يحبهم
واعطاها لداوود وسليمان عليهما السلام وهو يحبهم.
فالنعم الكثيرة في الدنيا ليست مقياسا للكرامة
وإنما هي ابتلاء واختبار .
لنرى قول سليمان عليه السلام عند حصول نعمة احضار عرش ملكة سبأ عنده قبل أن يرتد إليه طرفه.

(قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي (((لِيَبْلُوَنِي))) أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
[سورة النمل 40]

إذن النعم ابتلاء (اختبار)
الناجح فيه هو الشاكر شكرا مستمرا لا يتغير فيه فتدوم عنده النعم

والخاسر هو من إذا رأى النعم زادت أرجع فضل ذلك إلى نفسه فخسر النعم وخسر نفسه
قارون قال (إنما أوتيته على علم عندي)
فكانت النتيجة
(فخسفنا به وبداره الأرض)

وكذلك النعم ليست دوما علامة رضا الله عنك ولا قبضه لها علامة سخطه عليك فهو ينزل رزقه بقدر

(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
[سورة الشورى 27]
فقد يكون الخير لك هو الرزق القليل (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) زن الأمور بميزان الآخرة ولا تجعل الدنيا أكبر همك.

فقد تكون النعم استدراجا للهلاك للعصاة المصرين

(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
[سورة اﻷنعام 44]

فلا تغتر بما عند الكفار من النعم فما هو إلا متاع قليل.

(لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)
[سورة آل عمران 196 – 197]

ولا تفتتن بما عند الغير من النعم فإنما هي إبتلاء كما قلنا وقد ينجحون وقد يخسرون

(وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ)
[سورة طه 131]

إن عملت بهذه الآيات وآمنت بها فستكون حياتك طيبة.
حياة الرضا بما آتاك الله

نفذ الشروط فإن حصلت على الوعود فقد حصلت على ما هو فتنة ومتاع في الحياة الدنيا فلا تنس شكرها.
وإن طبقت الشروط ولم تنل الوعود فكن بين خوف ورجاء

خوف أنك لم تطبق الشروط بالطريقة الصحيحة ورجاء أن يكون عدم حصولك عليها خير لك وأن يكون ربك قد ادخرها لك للآخرة.
وللآخرة خير لك من الأولى.

انتهينا من موضوع الرزق وسنبدأ في الدرس القادم إن شاء الله موضوع الحياة الطيبة في محيط الأسرة.

فتابعونا..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *