الدرس الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين

(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
[سورة الجاثية 14]

أحببت أن أكرر وأزيد على فكرة المغفرة والسماح لمن بيننا وبينهم خصام وأبين لكم فوائد هذا عليكم.

في البداية أحب أن أوضح أنك تسامح من طرفك ولا يعني هذا أن الله قد سامحهم.
فمن يسيء للناس في الواقع هو يرتكب إثما حسابه عند ربه.

سأقرب لكم المسألة من عالم الشهادة

عندما ترتكب حادثا مروريا وتتسبب في كسر رجل إنسان وأصطدمت بعمود إنارة مثلا في نفس الحادث.
ثم سامحك ذلك الإنسان وعفا عنك.
يبقى هناك مبلغ تدفعه ومحاسبة من الحكومة ويسمى بالحق العام.

فأنت عندما تسامح زميلا أو قريبا أو جارا أو أي انسان فإنك تنهي ما بينك وبينه ولكن يبقى هناك حق لله في أن يطاع في أوامره وينتهى عن نواهييه

ركز..

(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ((لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
[سورة الجاثية 14]

فمثلا لو سرقك سارق وسامحته فأنت المستفيد أصلحت قلبك وارتحت من المشاعر السلبي وهيأت قلبك لنزول الآيات فيه. ولكن هل يعني هذا أن الله قد غفر له بمسامحتك؟
طبعا لا إلا لو تاب وأصلح.

فهو ما يزال مخطئ في حق الله

أو مثلا شتمك أحدهم بلقب مشين جرحك.
وسامحته فأنت المستفيد ولكن لله حقا فقد أذنب ذنبا يحاسبه الله عليه إلا لو تاب

وقس على ذلك بقية الخصامات

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
[سورة الحجرات 11]

لا بد لهم من توبة مع الله وإلا سيحاسبهم.

لذلك لا ترهق قلبك وتتعب من الخصام فقط سامح واغفر ألا تعلم أن مغفرتك للناس جالبة لمغفرة الله لك؟

(.. وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة النور 22]

ولعل بمغفرتك لهم تكون قد دفعت سيئة بحسنة فيكون من سبب لك الأذى وليا حميما لك؟
وتكون سببا في توبته؟

(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
[سورة فصلت 34]

(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ((لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
[سورة الجاثية 14]

لا تهتم بذنوب غيرك فإساءتهم لك ذنب لهم فلماذا تشغل نفسك بذنوب غيرك

وكلما انشغل قلبك بذنوب غيرك نسيت وتغافلت والتهيت عن ذنوبك

وكلما التهيت عن ذنوبك كنت أبعد عن مشروع التوبة النصوح عنها.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة المائدة 105]

فمن يعمل صالحا فلنفسه وهو المستفيد منه ومن الصالحات أن تعمل بما أمر الله به وهو أن تغفر لمن لا يرجون أيام الله.

ومن أساء فعليها وهو من سيحاسبه الله.

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)
[سورة الجاثية 15]

ثم إذا رجعتم إلى ربكم كنت أنت أمام ربك خير ممن أساء إليك.

تخيل الموقف..

وتقدم بخطوة إلى ربك
سامح
اصفح
اغفر

واستعد لنزول الآيات في قلبك..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

قناة دروس التدبر

تجد فيها دروس لتدبر القرآن

https://telegram.me/joinchat/BFZNgzvrr9v_HuYlT5zV7g

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *