الدرس الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)
[سورة السجدة 23]

آتى الله موسى عليه السلام الكتاب وجعله هدى لبني إسرائيل.
وكان بني اسرائيل مستضعفين في الأرض ودماؤهم مستباحة .

فلما اتبعوا الهدى في كتابهم.
وصبروا على الطاعات وعلى تدبر كتابهم ودراسته . وصبروا عن المعاصي . وعلى الأذى وجعلوا بيوتهم قبلة فأقاموا فيها الصلاة .

ماذا حدث لهم؟

(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)
[سورة السجدة 24]

جعل منهم أئمة .

متى؟

” لما صبروا”

وماذا أيضا؟

” وكانوا بآياتنا يوقنون” !!!

اليقين بالآيات !

هنا السر!

هم وصلوا لليقين بالآيات

ولكن كيف؟

بالضبط طبقوا كل ما قلناه في هذه الدورة .

ما هي الخطوات؟

كيف نتبعهم؟

عظموا آيات الكتاب وأيقنوا أنه من رب العالمين

كيف أيقنوا ؟

بتأمل خلق السماوات وتأمل خلق الأرض وتأمل خلقهم واستشعار قدرة الله على الخلق العظيم مما جعلهم يعودون إليه في جميع أمور حياتهم لأنه القادر. . فوصلوا لليقين بأن منزل الكتاب هو خالق كل شيء فكانوا من الشاكرين.

واستشعروا تدبيره للأمر فهو الذي ينزل الأوامر من السماء. وتوكلوا عليه

ذكروا الموت والرجوع إلى الله والمصير دوما فعافت أنفسهم المعاصي وزهدوا في الدنيا الفانية.

وعرفوا الفرق بين المؤمن الحق وبين الفاسق فسارعوا ليصطفوا في صفوف المؤمنين.

عرفوا أهمية الذكر للوصول للخشوع القلبي واليقين

فصبروا وكان جزاؤهم أن جعل الله منهم أئمة يهدون بأمره لما صبروا وكانوا بآيات الله يوقنون

هذه هي مواضيع دورة إخشعي يا أرض بالترتيب وهذه هي مواضيع سورة السجدة بالترتيب.

بتطبيقها في حياتنا نصل ان شاء الله
للخشوع والسجود القلبي.

فهذه الدورة مستمدة من منهج الله في الوصول للخضوع والسجود فهي بترتيب آيات سورة السجدة.

وبتطبيقها تعود الأمة لتكون إماما لبقية الأمم.

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)
[سورة السجدة 23]

فنحن أيضا آتانا الله الكتاب وجعله هدى لنا .

هو هدى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.

(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)
[سورة السجدة 24]

فإن وصلنا لليقين بالآيات كان ذلك حافزا قويا على الصبر على تطبيق تلك الآيات.
فلا نتكاسل في أمر فالخوف والرجاء سيكونان عاملا مساعدا للمسارعة في العمل الصالح.

إذا طبقنا الآيات جعلنا الله إماما نهدي بأمره سواء على مستوى الأمة ككل .
أو كمستوى الفرد الواحد وهذا من عدل الله وصدق كتابه وتحقق موعوده.
نفذ الشرط تنال الوعد.

بمعنى لو طبقت لوحدك و من حولك رفض ستكون أنت إماما.

ولو طبقت وكل من حولك طبقوا ستكونون أئمة تهدون الناس بأمر الله

إن تركنا أمرا واحدا فقط من أوامر الله مصرين عليه أو هجرنا تلاوة القرآن حق تلاوته بالتدبر سينشأ الخلاف بيننا وستتكون العداوات كعقوبة ربانية لترك اتباع الكتاب.

هو من سيجعل بيننا العداوة والبغضاء

(ْ( فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ))

نسوا بعضا من الذكر . تجاهلوه

فماذا حدث؟

(فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ)

يا الله!

نسوا نصيبا من الذكر. ليس كل الذكر فجعل الله بينهم العداوة والبغضاء.

أليس هذا حال المسلمين اليوم؟!

يكرهون بعضهم البعض بل يرون قتل بعضهم البعض أولى وأحسن من قتل الكفار!

ولكن إلى متى؟

إلى متى تستمر هذه العداوة والبغضاء؟

( إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ )!!!!!

(.. فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة المائدة 14]

(وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة المائدة 14]

يوم القيامة سيفصل بينهم ويحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون.

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
[سورة السجدة 25]

هو الحاكم وهو الحكم وهو من له الحق في الفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.

إن ما نحن فيه الآن من العداوة والبغضاء هو بسبب أننا نسينا حظا مما ذكرنا به.

وستستمر ما دام النسيان مستمرا!

وبإمكانه أن يستمر إلى يوم القيامة!

فهو نوع من أنواع التنبيهات القوية من الله للعودة للذكر.

هو نوع من أنواع العذاب الأدنى لعلنا نرجع لربنا.

(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ ((عَذَابًا ))مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ ((يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْض))ٍ ۗ انْظُرْ كَيْفَ ((نُصَرِّفُ الْآيَاتِ)) ((لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))
[سورة اﻷنعام 65]

ردد الآية بتدبر

عذاب أن يجعلنا فرقا ومذاهب ونحن نردد إختلاف العلماء وتفرقهم لمذاهب رحمة.

لا!!!!
ليس رحمة ولكنه عذاب أدنى.

عذاب بحيث يجعل كل فرقة تذيق بعضها بأس بعض.

قتل . تعذيب . تنابز بأقبح الألقاب. ظلم. تكفير. منع من دخول مساجدهم . وغيره الكثير

وكل منهم فرح فخور بفرقته

(مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)
[سورة الروم 32]

(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ ((انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))
[سورة اﻷنعام 65]

فقط تأمل لهذا الإختلاف فهو آية من آيات الله.

هو آية ضر.

“انظر كيف نصرف الآيات”

لماذا؟

( لعلهم يفقهون) !!!

فهل فقهنا يا إخوتي؟

هل تعلمنا الدرس؟

هل استوعبنا سبب الخلافات؟

هل استوعبنا سبب القتل والظلم والكراهية الشديدة في القلوب والشحناء والبغضاء؟

هو تنبيه من الله!
من النوع الشديد!

فهل ننتبه؟
هل نرجع ؟

هل نعود لنتمسك بكتاب الله؟

هل تصدقون أن هناك أمل؟

هل تصدقون أنه إذا اعتصمنا بكتاب الله فسترجع الألفة للقلوب بين المسلمين؟

((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)) ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ ((كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)) ((فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)) وَكُنْتُمْ ((عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ))ۗ كَذَٰلِكَ ((يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ))
[سورة آل عمران 103]

نعم أبشروا فالأمل موجود !

من كان يظن بأن قبائل العرب المتناحرة سابقا ستصبح متآلفة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام باعتصامهم بكتاب الله؟

وكانوا على شفا حفرة من النار
فالقاتل والمقتول في النار عندما يتقاتلان.
فأنقذهم من حفرة النار بتآخيهم وألفتهم وهي نعمة من الله.

فقط نحن بحاجة للإعتصام بهذا الكتاب .
بحاجة لنتمسك به بقوة

لينتهي البلاء ويكشف الله عنا هذا الضر.

وإلا فإنه سيستمر إلى يوم القيامة !

فالله الرحيم لن يترك خير أمة أرسلت للناس هكذا دون تنبيه.

أرسل التنبيهات واحدة تلو الثانية ولم نتنبه فتصاعدت حدة التنبيهات.

(كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ ((لِآيَاتِنَا عَنِيدًا)) * سَأُرْهِقُهُ ((صَعُودًا))
[سورة المدثر 16 – 17]

(لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ ((وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّه))ِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا ((صَعَدًا))
[سورة الجن 17]

والعذاب سيتصاعد ويزداد ويزيد القتل والتعذيب لبعضنا البعض ما لم ننتبه ونرجع لربنا ليكشف عنا العذاب.

ولنا عبرة في الأقوام السابقة

(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ)
[سورة السجدة 26]

أولم نرى آثار الأقوام السابقة؟

أولم نسمع عنهم؟

وصلت في حضاراتها للتطور والرقي حتى ظنوا أنهم قادرون عليها فأتاهم أمر الله وأهلكهم بياتا أو هم قائلون.

أرسل العذابات الدنيا وتصاعدت وتصاعدت دون أي انتباه ولا عودة ولا رجوع من شدة قسوة القلوب الخالية من ذكر الله.

لم يتضرعوا لربهم واستمروا هكذا حتى أهلكهم جميعا.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ((لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون))َ * ((فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ))(( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون))َ * فَلَمَّا (( نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ))فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ((حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا)) بِمَا أُوتُوا ((أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة))ً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
[سورة اﻷنعام 42 – 44]

ولكن الأمل موجود حتى في القلوب الميتة!

أولم نرى كيف يسوق الله الماء للأرض الميتة ماء من السماء فيحييها بعد موتها؟

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ)
[سورة السجدة 27]

تخيل أن هذا الماء هو حياة القلوب

هو القرآن الكريم.

هو الآيات البينات

يسوقها الله إلى القلوب الميتة فيحييها بإذنه.

تخيل أنك بنشرك لدروس هذه الدورة تكون كالسحاب الثقال التي تسوق الماء لتسكب آيات الله في قلوب أمة محمد فيحييها الله بعد موتها وتفيق من غفلتها ويؤلف الله بين قلوبهم فيعودون بنعمته إخوانا.
وتنقذهم من شفا حفرة من النار.

قد يسخر البعض…

قد يقول هي أحلام وردية مستحيلة الحدوث …

(وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )؟؟

(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ)
[سورة السجدة 28 – 30]

اللهم ألا هل بلغت؟

اللهم فاشهد !

و سأنتظر يوم الفتح بشوق وأسأل الله أن يكون قريبا.

انتهت الدورة جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *