الدرس الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًاۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ ((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ))) [سورة الحديد : 20]

وما الحياة الدنيا
إلا
متاع الغرور

الدنيا متاع
مثل متاع السفر تماما
والمؤمن يتعامل معها على هذا الأساس هي متاع يبلغه مقصده للآخرة
يتزود بها للوصول إلى وطنه
فهو مسافر يحمل متاعه
فالزوج متاع والبيت متاع والسيارة متاع والأبناء متاع كلهم متاع

لو تعاملنا مع كل هؤلاء على أنهم متاع لما كانت الدنيا متاع الغرور.
لم تكن لتغرنا وتجعلنا نرضى بها وننسى اﻵخرة.
(…أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) [سورة التوبة : 38]
أرضيتم؟
يسألكم رب العزة
أرضيتم بالحياة الدنيا؟
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ((آيَاتِنَا غَافِلُونَ)) [سورة يونس : 7]

من يرضى بها ويطمئن بها هو الغافل عن اﻵيات
سواء آيات الكتاب
لأن ذكر اﻵخرة موجود في كل صفحة
إلا الصفحة اﻵخرة
فلو كان ذاكرا لله لتذكرها ولم يرضى بالدنيا
وكذلك الغافل عن آيات الله في الكون ينسى اﻵخرة لأنها تذكره بها.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [سورة آل عمران : 191]

المتفكر في خلق السموات والأرض يتذكر اﻵخرة ولا يرضى بالدنيا.
من يرضى بالدنيا ويطمئن بها؟
الذين هم عن آياتنا غافلون

كثير من الناس عندما تحيط به النعم من كل جانب يغتر و يشعر بالراحة و الطمأنينة لهذه الدنيا
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ) [سورة يونس : 7]
لا يرجون لقاء الله لا يحبون الموت ولا ذكره لأنهم اغتروا بمتاع الحياة الدنيا
بيوت مرفهة وتعلق شديد بالأزواج والأبناء لدرجة إهمال الذكر الكثير من أجلهم.
بخل عن الإنفاق للآخرة من أجل الحفاظ على متاع الغرور
لذلك في سورة الحديد وبعدما علمنا عن الدنيا قال
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ۗ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [سورة الحديد : 24]
يبخلون بكل ما يملكون من متاع الحياة الدنيا على غيرهم لذلك تغرهم الحياة الدنيا ويكرهون لقاء الله ويتمنون لو يكون بعيدا جدا.
(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) [سورة غافر : 39]

دار القرار
المستقر و المقام و البقاء
اللهم اجعل جنات الفردوس دارنا وقرارنا.
هناك دار القرار . لسنا هنا في استقرار نحن مسافرون
“كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل “
وصية غالية من النبي عليه الصلاة والسلام.
فالشخص الذي يطمئن للدنيا يكون فعله منافيا لكونه غريب أو عابر سبيل يجهز نفسه للمستقر و الدار اﻵخرة
من يتعلق بالدنيا كثيرا ويتمسك بها لا يهتدي للطريق المستقيم

تجذبه بقوة فتؤثر على مساره
تخيل أن عندك بوصلة وهذه البوصلة تتأثر باقتراب مغناطيس جاذب هل تهتدي للطريق أم تتذبذب؟
نتذبذب أكيد
كذلك المنافقين

(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) [سورة النساء : 143]

المنافق مرة يكون مع المؤمنين يذكر يتأثر يبعد الدنيا و عند المصائب يهتدي.
تزول المصيبة يعود للنفاق يكون غافلا عن اﻵيات يطمئن للدنيا يتجه الاتجاه الخاطئ
الإغترار بالدنيا يؤثر كثيرا في بوصلة حياتك
فبدلا من كونك تسير على صراط مستقيم تجد نفسك تسير في عدة سبل بسبب تذبذب مؤشر بوصلتك.
(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة اﻷنعام : 153]
ما الحل باعتقادكم؟
للتخلص من التعلق بالدنيا وتأثيرها علينا؟
الذكر الكثير هو الحل الوحيد
بالذكر الكثير نطرد الغفلة عن اليوم اﻵخر فنستعد لها دوما
نطرد صفة النفاق التي من سماتها التذبذب بالذكر الكثير.

الذكر الكثير سيعيننا دائماً على التوازن و ابعاد التذبذبات عنا
استحضار القلب عند الذكر ولا يكون الذكر باللسان فقط

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *