بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
لن يصلح حالنا مع الله إلا بصلاة خاشعة تنهانا عن الفحشاء والمنكر.
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
[سورة العنكبوت 45]
وبتضييعنا لجوهر الصلاة وهو الخشوع نجد أنفسنا تلقائيا نضيع في وحول الشهوات.
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)
[سورة مريم 59]
لذلك أساس الإستقامة هو الصلاة وهي عمود الدين.
ولن تكون صلاتنا خاشعة إلا لو كان ذكر الموت واليوم الآخر حاضرا في قلوبنا…
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
[سورة البقرة 45 – 46]
لذلك نبدأ بتربية قلوبنا على ذكر الآخرة عسى أن تلين وتخشع ونبدأ معا بهذه الآيات العظيمة..
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ)
[سورة الواقعة 1 – 2]
الواقعة هي يوم الحساب، يوم الدين، يوم الجزاء لا ريب فيه.
الله عز وجل يذكرنا بكلمات قليلة العدد ولكنها تحوي الكثير..
إذا وقعت الواقعة..
يا الله!
قد يقع الإنسان في الريب بسبب الغفلة والبعد عن ذكر الله فيرتاب ويجتهد أن يتغافل عن يوم يكون فيه الحساب عن كل صغيرة وكبيرة، قديمة أو حديثة، سواء تختص بحق الله أو حقوق الخلق.
هو يوم لا ينجو منه العصاة فيقول..
إذا وقعت الواقعة…
لو أننا نتذكرها دوما ونوقن بها عند عقد النوايا لإرتكاب أية معصية أن:
ماذا لو وقعت الواقعة وأنا لم أتب بعد من معصيتي؟
وماذا لو وقعت الواقعة وحال بيني وبين التوبة من معصيتي موت الفجأة؟
ماذا لو وقعت الواقعة وعندي حقوق أناس كثر أنكرتها عليهم ولم أخبر ورثتي عنها ليرجعوها لأصحابها عني بل ماذا لو طمعوا بالإرث ورفضوا أداء الحقوق عني وأخذوه هم حلالا لهم.
إذا وقعت الواقعة..
ولن تأتي إلا بغتة لمن غفل ونسي وكفر وكذب بيوم الدين.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
[سورة الزخرف 66]
إذا وقعت الواقعة..
لابد أن نصل لذلك اليقين أنها واقعة لا ريب فيها وأن وقعتها ليست كاذبة.
( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ)
فلا نصدق الوسواس الخناس حين يوهمنا بأن الحياة مستمرة للأبد وأنه لا نهاية لها.
ولا نصدق كذبة تناسخ الأرواح وأننا نعود بعد الموت في أجساد أخرى للدنيا بشكل متواصل بعد كل موت.
ولا نصدق أن القيامة هي الوفاة وإنما وفاتك هي آخر حدث لك في حياتك الدنيا والقيامة هي الحدث الأول في حياتك الآخرة.
ولا نصدق وسوسة أن الله لن يفي بوعوده الترهيبية وأنه لن يصدق بوعيده بحجة أنه رحيم وأنه فقط يهددنا بالكلام لكي نعمل كما يظن الكثير من الناس. فيطمئنون ويستمرون في المعاصي بسبب هذا الظن الناشئ من وعود الشيطان الكاذبة.
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
[سورة إبراهيم 22]
إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة…
ليست كذبا وليست هزلا ولا لعبا والله أقسم بذلك قسما عظيما ومن أصدق من الله قيلا.
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ)
[سورة الطارق 11 – 14]
ليس هزلا أبدا ولكن الشيطان يوهمنا بأنه فقط تهديد لطيف فقط كما تفعل الأم بصغارها تهددهم ولا تنفذ تهديدها.
ولكن الله إذا وعد وفى بوعده ولا يكذب ولا يغير كلماته.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
[سورة فاطر 5]
ولكن سبب الضياع هو كثرة الرجاء والريب في اليوم الآخر.
(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)
[سورة الجاثية 32]
نعم إنه ضياع اليقين.
ونحن في هذه الدورة بإذن الله سنجتهد ونبحث في كيفية بناء هذا اليقين باليوم الآخر لنصل للخشوع القلبي.
نحتاج بقوة تطبيق الواجبات العملية للوصول لذلك فكما قلنا التفكر باب من أبواب اليقين بالآخرة..
(وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
[سورة اﻷنعام 75]
نسأل الله أن يرزقنا اليقين ويرزقنا خشيته.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.