الدرس الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ و(((َالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْث)))ِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [سورة آل عمران : 14]

نتفكر في حب المال
لو رأيت شخصا يمسك بماله يحرقه بالنار هل كنت ستعتقد أنه يحبه؟

لا طبعا بل لربما وصفناه بالجنون

هذا ما يحدث لمن يحب الدنيا وهو لا يشعر!
(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 117]

من يحب الدنيا يظن أنه يحب ماله بالكنز والحفظ في الأرصدة
والإنفاق في الملهيات والمرفهات
ولكنه في الواقع يحرقه حرقا وهو لا يشعر لأن حبه للدنيا جعل حبه للمال مزيفا.
أي انفاق لا يكون في سبيل الله ” الطريق إلى الله” يضيع ويحترق
لا يؤجر عليه
سبحان الله
مثل الاعمال اذا لم تكن خالصه لله تكون هباء
سبيل الله قد يكون في الجهاد في المعارك والحروب كما قد يكون الجهاد في بقية الطاعات
جهاد النفس والشيطان كله جهاد في سبيل الله
ففي هذه الآية بمعنى يعطينا عز وجل مثال لما يحصل للمال الذي ننفقه للدنيا نستثمره للدنيا فقط ولا ننفق منه في سبيل الله
هو مثل استثمار شخص في مزرعة يظن انها ستنفعه ولكن يأتيها اعصار يهلكها كلها ولا يبقى منها شيء فيضيع كل ما استثمره فيها. اموالنا ايضا تضيع ولا نستفيد منها ما ننفقه للدنيا ويبقى ما ننفقه للآخرة.

من يحب اﻵخرة يكون حبه للمال حقيقيا.

فهو يحفظه مع الحفيظ باﻻنفاق
الادخار عند الله فيضاعفه له
وبفوائد مضاعفة أضعافا كثيرة

(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل : 96]

(إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) [سورة التغابن : 17]
من يحب الآخرة يحب ماله حبا حقيقيا فيرسله للآخرة بالإنفاق حتى لا يضيع

((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنْهَا قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا))

[الترمذي عَنْ عائشة. المصدر موسوعة النابلسي ]

(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل : 96]

أرأيتم من يسافرون للعمل خارج أوطانهم كيف يرسلون رواتبهم لبلدانهم شهريا؟
هؤلاء يحبون أوطانهم ويشتاقون لها ويخططون للعودة إليها
ولذلك يرسلون أموالهم هناك ليستثمرونها هناك.
حتى احيانا يبقون سنوات عديده في الغربة ولا يستمتعوا ﻷنهم يرسلوا اكثر لبلدهم.
واحيانا معه اسرته ايضا
ومع ذلك يرسل لبلده و يوفر
وكل اسرته تساعده في الادخار
لانهم كلهم مقتنعين انهم جاءوا في مهمة وسيعودون لبلدهم للتمتع بخيرات ما أرسلوه هناك.

سبحان الله
يصبرون ليجدوا اموالهم بعد رجوعهم.

والمؤمن إذا أحب اﻵخرة وسعى لها واشتاق لها فإنه يرسل أمواله هناك ليستثمرها.
وعالم الشهادة يقرب لنا عالم الغيب.
هذا الغريب خارج وطنه لا ينفق على نفسه إلا كعابر سبيل.

ورغم أنه لا يبقي لنفسه الكثير الا أنه يسكن ويأكل ويشرب ويلبس ولا تعلم كيف تكفيه الاموال؟
هي البركة من الله عز وجل
وهذه البركة أيضا نراها عندما ننفق في سبيل الله

(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 261]

يعلمنا الله بأمره لنا بالإنفاق عدم التشبث بالدنيا والتقليل من أهميتها.

“إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم”

إذن تعلمنا أنه إن أحببنا الدنيا وآثرناها على اﻵخرة فإن بوصلتنا لا تعمل جيدا ويكون حبنا لكل شيء فيها مزيف وناقص وغير موجه في الإتجاه الصحيح.

وقد نلقي بكل ما نحب أو من نحب إلى التهلكة

بينما بحبنا وشوقنا للآخرة وايثارنا لها نتخلص من مغناطيس الدنيا فتثبت بوصلتنا ويصلح حبنا ويكون صحيحا وفي الاتجاه الصحيح.
فنحافظ عليهم بحبنا لهم بهذا الحب ونقودهم للجنة بإذن الله

نسأل الله أن يزيل من قلوبنا حب الدنيا ويقوي حبنا له وللآخرة حتى ننقذ أنفسنا وأحبابنا من التهلكة.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *