بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين أستعين. وباسميه العليم والحكيم أسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
رب أدخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
سورة آل عمران, الآية 190:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب
سورة آل عمران, الآية 191:
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار
أولي الألباب هم أصحاب القلوب العاقلة التي تتدبر القرآن التي لا تتوقف عن الذكر الكثير قياما وقعودا وعلى جنوبهم هم المتقين وهم عباد الرحمن
ونحن إذا أردنا أن نكون مثلهم علينا أن نقتدي بهم . ومن أهم ما يميزهم هو قيام الليل.
سورة السجدة, الآية 16:
تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون
سورة الزمر, الآية 9:
أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب
سورة الفرقان, الآية 64:
والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما
الآية الأولى تصف المؤمنون حقا بآيات الله.
والثانية تصف أولي الألباب
والثالثة تصف عباد الرحمن
جميعهم يقومون الليل.
أما عن رسولنا الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم .وأصحابه الكرام فقد علم الله قيامهم أيضا برغم الظروف
سورة المزمل, الآية 20:
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
هم الطائفة الذين معه
قاموا الليل برغم المرض
برغم الإجهاد من الضرب في الأرض لإبتغاء فضل الله
برغم التعب الشديد والجراح عند القتال في سبيل الله
كانوا يقومون لم تكن لديهم أعذار المرض
لم تكن لديهم أعذار العمل
لم تكن لديهم أعذار الإجهاد والإرهاق
لماذا؟
لأنهم يؤمنون بآيات الله حقا ويطيعون أمره.
سورة المزمل, الآية 20:
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
“فاقرأوا ما تيسر منه”
“فاقروا ما تيسر من القرآن”
ووقت الليل هو الوقت المناسب للتدبر والتفكر
حتى أن بعض أهل الكتاب امتدحهم ربنا بقيامهم الليل في تلاوة آياته
سورة آل عمران, الآية 113:
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون
منهم من يقوم الليل يتلون آيات الله في كتبهم آناء الليل وهم يسجدون
ليسوا سواء بمعنى ليسوا جميعا بنفس المستوى عند الله ثم امتدح القائمين منهم
كما امتدح عباد الرحمن والمؤمنين وأولي الألباب بقيامهم لليل
الآن إذا أحب الإنسان شخصا ألا يحب أن يكسب وده؟
ألا يتحرى ما يحب وما يكره؟
ألا يسعد إن فعل وامتدحه حبيبه أمام الناس؟
ألا تحبون أن يمتدحكم الرحمن الودود الرحيم؟
ألا تتحرون وقت الخلوة معه تخاطبونه بصلاتكم ويخاطبكم بآياته؟
ومن لا يحب مناجات الحبيب
ألا تجتهدون لكسب رضاه ووده بل ألا تغارون من الذين يحبهم ويمتدحهم؟
هذا والله أرجى ما يتمناه المرء أن يفوز بحب ورضا الرحمن
ووقت الليل هو وقت القرآن لأنه وقت هدوء وتركيز .وقت يكون الجسد قد ارتاح من هجوعه أول الليل .
وهو وقت التلقي بالفهم لذلك تجد نفسك تستوعب وتتدبر وتفهم القرآن وتتلذذه وتستشعره أكثر في وقت القيام.
وهو وقت الرسوخ ودخول الآيات إلى القلب دعونا نمر سريعا على سورة المزمل لنتدبرها .
سورة المزمل, الآية 1:
يا أيها المزمل
هذه الآية ينادي بها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ولم يناديه بيا أيها النبي أو يا أيها الرسول مع أنه أعترف بأنه رسوله في نفس السورة وبعد آيات قليلة فقط
سورة المزمل, الآية 15:
إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا
سورة المزمل, الآية 1:
يا أيها المزمل
هو ناداه بالمزمل أي المتغطي بغطائه النائم في فراشه .
هل رسولنا هو الوحيد الذي ينام ويتغطى؟
وهل يقصد به كل متزمل في فراشه؟
الصحابة والمؤمنون وأولي الألباب وعباد الرحمن فهموا عندما تدبروا لذلك أطاعوا وقاموا الليل
وأطاعوا أمره “فأقرأوا ما تيسر من القرآن”
مع أنه علم بظروفهم لم يعذرهم وهم لم يعذروا أنفسهم لذلك علم الله أنهم يقومون مع نبيه عليه الصلاة والسلام
في الصيام أعذرهم ولكن في القيام علم عن ظروفهم وأمرهم بقراءة ما تيسر
فأقراوا ما تيسر منه
كل واحد على حسب مقدرته
والله عليم بمقدرة كل إنسان وقدراته
قارنوا في الأمر هنا والأعذار
سورة البقرة, الآية 185:
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون
مع هذه الآية قارنوا الأمر والأعذار
سورة المزمل, الآية 20:
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
القيام للقرآن أمر من الله ولأنه لم يعذرنا بتركه نهائيا في حالة الظروف الصعبة فلأنه لصالحنا وينفعنا ولا يعلم الحكمة منها إلا الله ومن علمه الله ممن يشاء.
بينما صلاة التهجد في القيام هي نافلة فيها خير عميم
سورة الإسراء, الآية 79:
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
صلاتك في القيام تزيدك رفعة عند ربك لأنه امتدحهم وسماهم بعباد الرحمن والمؤمنين وأولي الألباب
وهؤلاء يكرمهم الله في جنات عالية قطوفها دانية . لهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون
سورة البقرة, الآية 238:
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين
لماذا نقتطع هذه الآية ولا نتدبرها لماذا نتوقف عند كلمة الوسطى ونتجاهل أمره وقوموا لله قانتين
لماذا ترك خلف أمة محمد صلاة القيام ولم يجعلوها دائمة لتكون مقياسا لهم لمدى طاعتهم لربهم في النهار
فمن كان عاصيا حرم من القيام فعلم تقصيره وتاب واستغفر طمعا بأن يقوم الليلة التي بعدها
وهكذا يحافظ كل واحد من الأمة على نفسه من اتباع شهواته طوال اليوم خوفا من الحرمان من لذة الخلوة مع الله ليلا
سورة مريم, الآية 59:
فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا
أكثر المسلمين الآن يصلون الصلوات ويحافظون على الوسطى ولكن القليل جدا من يقومون لله قانتين. لذلك الأكثرية اتبعت الشهوات.
لن تجد قائما لليل قانتا مداوما عليها يتبع الشهوات
قد يخطئ ولكنه يسارع بالتوبة والإستغفار ولكنه لا يتبع الشهوات ولا تجره الدنيا بزينتها .
القيام يجعل الإنسان محافظا على نفسه من الذنوب والمعاصي لأنه يعلم أنه إن نام فلن يبعثه إلا الله من نومه. والله لا يبعث إلا من يريد . قد تجهز المنبه ولكنك ستغلقه وتعود للنوم إن لم يرد الله قيامك ولكن إن أراد فستقوم بلا منبهات.
بل إن جسدك نفسه سيتجافى عن الفراش سعيدا لأنه على موعد مع الله.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك