الدرس الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم . اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.

((يَخْلُقُكُم))ْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْق فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
[سورة الزمر 6]

من طرق التفكر في الخلق أن ترجع وتنسب أفعال الله في الخلق إليه وحده.

بأن تنزهه عن الشريك

ولو كان هذا الشريك هو الطبيعة أو الصدفة أو الأب أو الأم أو المخلوق نفسه.

كيف؟!

هناك بعض المصطلحات التي تخبي خلفها شركا خفيا ويتم تداولها بكثرة.

مثال:

_ الجنين كون أطرافه وكون عينيه .

(((يَخْلُقُكُم)))ْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
[سورة الزمر 6]

هو وحده سبحانه الذي كون للجنين أطرافه وعينيه وليس الجنين.

أو

_ أنا بطني ينتج أطفالا جميلين.

( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ َ)
[سورة غافر 64]

هو وحده سبحانه الذي صورنا في أحسن صورة.

هو من إختار الملامح وشكلها وليس للوالدين أي دخل في ذلك.

أو عرقنا قوي وهو الذي ينتصر على عرقها لذلك أبنائي يشبهونني.

(وَرَبُّكَ ((يَخْلُق))ُ مَا يَشَاء((وَيَخْتَارُ ۗ)) ((مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)) ۚ ((سُبْحَان))َ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا ((يُشْرِكُونَ))
[سورة القصص 68]

هو وحده سبحانه الذي يختار صفاتك وشكلك الذي يريده لك.

ليس لك

ولا لعرقك

أي دور في إختيار صفات الجنين فربك هو من يخلق وهو من يختار وليس لك الخيرة .
ثم يأتي في الآية تسبيح وتنزيه لله عن الشريك في الإختيار أو الخلق.

أو يقول بتفاخر

_أنا قوي !! أنجبت 7 أبناء!!!

(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ)
[سورة الواقعة 58 – 59]

ليس الأمر بيدك ولو كان كذلك لما أنجبت شيئا!!

أو

  • أنا فحل لذلك انجب ذكورا فقط.

أو

  • هذا الرجل ضعيف لذلك ينجب الاناث.

أو

  • هذا الرجل ضعيف لا ينجب .

(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ ((يَخْلُقُ مَا يَشَاء))ُ ۚ ((يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا)) ((وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُور))َ * أَوْ ((يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا)) ۖ ((وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا)) ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
[سورة الشورى 49 – 50]

هو من يختار ما يهبه سواء ذكور أو إناث أو ذكورا وإناثا..
وهو أيضا من يختار أن لا يرزقهم الذرية.

وغيره من الأمثلة

اذا كان تأملك صحيحا بأن ترجع أفعال الخلق لله وحده
سيكون تأملك سليما مؤديا للخشية والخضوع والسجود القلبي لرب العالمين.
وسيعمق في قلبك شعور الشكر

مثال:

ترى طفلا جميلا تقول ما شاء الله خلق فأبدع . أو سبحان الله تبارك الرحمن صوره في أحسن صورة ثم ثم تتفكر في قدرة الله ودقة صنعه في تصوير هذا الطفل في بطن أمه في ظلمات ثلاث.

(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْق ((ٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاث))ٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
[سورة الزمر 6]

مثال من عالم الشهادة :

لو أتيت بأمهر نحات وأدخلته في غرفة لا نوافذ لها وبابها محكم الإغلاق و لا مجال لتسرب الضوء من تحته ولا من جوانبه وأطفأت النور وكان الوقت ليلا وسلمته عدة العمل وأخبرته انحت لي تمثالا لطفل رائع وأريد أن تفعل ذلك وأنت بداخل ذلك الصندوق الكبير وتغلق الصندوق عليه بإحكام ثم تغلق الغرفة والوقت ليل.

ثلاث ظلمات وارجع إليه وانظر كيف يكون عمله!!!!

(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ((فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ)) ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
[سورة الزمر 6]

تأمل الملامح بل تأمل دقة خطوط بصمة يدك كيف يسوي البنان لكل إنسان بخطوط فريدة من نوعها ولا تتشابه مع أي إنسان آخر و قد فعل ذلك لك وأنت في ظلمات ثلاث.
تأكد أن أي تشوه لم يأتي عبثا وله حكمة .

لم يخلق شيئا عبثا أبدا ولم يكن خطأ في الخلقة .

تفكر دقة الخلق بحيث يكون تكوين الجنين في الأسبوع الأول مثلا هو نفسه لكل جنين في العالم !

يخلق كل الأجنة بنفس المراحل بنفس العمر لكل جنين.
لن تجد جنينا يكتمل نموه في الشهر الخامس ولن تجد جنينا يتأخر نموه عن الشهر التاسع.

وهو يصور مليارات الأجنة حول العالم في نفس الوقت. ويتابع نموهم.

(لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ((أَكْبَرُ)) مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
[سورة غافر 57]

فكيف نسيء الظن بأنه أخطأ في الخلقة؟!
ونسميه عيبا خلقيا
سبحانه وتعالى عن أي نقص وعيب.

الغريب أنه بقدرته يكمل نمونا ونحن في الحياة الدنيا خارج الرحم من رضيع لا يتحرك إلى رضيع يحبو ثم يمشي ويستمر في النمو ثم يبلغ أشده وتظهر علامات البلوغ ثم يبدأ بالمشيب ثم يرد إلى أرذل العمر .
وهو يفعل هذا طوال الوقت لكل الناس على وجه الأرض في نفس الوقت!

ليس البشر فقط ولكن أيضا الجان والحيوانات والطيور والمخلوقات البحرية والحشرات والكائنات الدقيقة ووووو……

تخيل فقط كيف هي قدرة الله!

ولكي لا يظن إنسان أن نمو الإنسان طبيعي وهو خلق هكذا فقد جعل الله من خلقه من لا يكبرون ويظلون كالأطفال طوال حياتهم.
فهو المتحكم بنمونا.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ((لِنُبَيِّنَ لَكُم))ْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)
[سورة الحج 5]

ولنا في نمو النبات لعبرة

فهي لن تخرج من الأرض إلا إن شق لها الله الأرض ولن تنمو إلا بإذن الله .
فبعضها يموت سريعا ومنها ما يكبر ومنها ما يموت.

ونحن كذلك..

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)
[سورة السجدة 7]

عجيب أنه بدأ خلقنا من طين !

تخيل هذا الطين الذي تدوس عليه والذي لا قيمة له يصبح بشرا من لحم وعظم وجلد وشرايين وعضلات ودم ومخ وعيون وأمعاء وجهاز عصبي وجهاز هضمي وجهاز تنفسي وجهاز دوري وبولي وتناسلي وووو…

أتعجبون؟

فالأعجب هو من يرى كل هذا ثم يقول لا وجود لإله وكل شيء تكون صدفة!!!!

(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ)
[سورة السجدة 8]

هل الإنسان هو من جمع أجهزته ولحمه وعظمه ثم صنع لنفسه جهازا تناسليا لكي لا ينقرض ويتكاثر؟

وإن قال الملحدون أنه تطور من قرد فهل القرد هو من خلق نفسه وجمع أجهزته ولحمه وعظمه ثم بدأ يطور نفسه؟!!!

” بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون”

(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ((ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ))ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
[سورة الزمر 6]

سبحان من يحيينا في ظلمات ثلاث ظلمة الغشاء وظلمة الرحم وظلمة البطن.

فإذا أماتنا كنا أيضا في ظلمات ثلاث ظلمة الكفن وظلمة اللحد وظلمة القبر .

ويعجب الكافرون

(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
[سورة يس 78 – 79]

فمن كان يعيش في ظلمات ثلاث
ظلمة الغشاوة على العين وظلمة الوقر في الأذن وظلمة الران على القلب استمرت حياته الآخرة في ظلمات.
(خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
[سورة البقرة 7]

وأما من كان على نور من ربه فيعيش في نور مستمر لآخرته.

(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ ((وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَة))َ ۚ ((قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ))
[سورة السجدة 9]

لذلك علينا شكر نعم السمع والبصر والفؤاد بأن نصرفهم كما يريد هو لا كما نريد نحن.

ولكن كيف يوصلنا التفكر في خلقنا لتذكر اليوم الآخر لكي نتوصل إلى الخوف والرجاء ؟

هذا ما سنتحدث عنه غدا إن شاء الله

فتابعونا…

مشاهدة “معجزة خلق الإنسان في القرآن

(((( مع رجاء خفض الصوت والإكتفاء بالقراءة والنظر لوجود الموسيقى في الخلفية))))

| The miracle of creation of human being in Qur’an” على YouTube – https://youtu.be/kmgY-2gLrk0

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *