الدرس الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم . وباسمه المعين أستعين. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما.
هذا الدرس سيثير العديد من التساؤلات لانه جديد كليا عن جميع من لم يحضر دروس التدبر ودوراته وقد يثير الجدل.
وكذلك سيكون بمثابة صفعات وضربات قاصمة فأرجو الاستعداد النفسي لها .
سورة لقمان, الآية 13:
(وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم(

سورة الأعراف, الآية 23:
(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)

نلاحظ أخواتي من الآيتين أن أشد وأعظم أنواع الظلم التي قد يقع فيها الانسان هو ظلمه لنفسه.
فكيف يظلم الانسان نفسه؟
الشرك بالله هو أشد أنواع الظلم . والشرك بالله ليس بالضرورة هو عبادة الأوثان ولكن الشرك أيضا هو أن تشرك نفسك مع الله كقوله تعالى عن الذي اتخذ إلهه هواه. أي يعبد أهواءه وشهواته ورغباته . وكذلك عبادة رغبات الزوجة أو الزوج أو الابناء أو غيرهم في معصية الله. أو الرياء وهو شرك خفي وكذلك سائر أنواع الشرك الخفي ويمكنك البحث عنها في النت .
فكل أنواع الشرك بالله تجر الانسان لمعصية أوامر الله وهذا هو ظلم الانسان لنفسه لأنه يعرض نفسه لغضب الله ويصيبه بالضر
سورة الروم, الآية 41:
)ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)

الفساد هو جميع أنواع المصائب التي قد تصيب الناس يذيق الله الانسان المصيبة بسبب بعض ما عملوا .. كلمة يذيق هنا بمعنى هو لا يعاقبه بنفس مقدار ذنبه ولكن يذيقه بعض ما عمل من سيئات .
والسبب هو لعلهم يرجعون!

انظروا لعظمة هذا الرب الرحيم .
يربينا ويرحمنا فلا يريدنا أن نكون حطب جهنم فكلما أذنبنا أو أخطأنا وجه الينا ضربات وهذه الضربات قليلة وخفيفة هي ذواقة فقط مقارنه بما نعمله من معاصي وكل هذا لأنه يريدنا أن نرجع إليه ونلجأ إليه ونستغفر لذنوبنا
سورة الشورى, الآية 30:
(وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)

فكل مصيبة نصاب بها هي نتاج عمل ايدينا وبما كسبت أيدينا والله سبحانه وتعالى فوق هذا يعفو عن كثير سبحان الرحيم .
لا يعاقبنا بذنوبنا كلها لانه يريد فقط بهذا الضر أن يربينا ويؤدبنا كما يؤدب الاب أبناءه لانه يريد لهم الخير والفلاح ولله المثل الأعلى
سورة فاطر, الآية 45:
(ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا)

لماذا يعفو عن كثير؟ لأنه لو يؤاخذنا بما كسبنا كله لما ترك عليها من دابة! لتهدمت الأرض وغرقت اليابسة وهلك الزرع وتفجرت البراكين ولم يبق على الأرض من دابة من شدة ذنوبنا
سبحان الله عندما نشاهد في التلفاز الكوارث التي حصلت سونامي اندونيسيا وسونامي اليابان وبركان شيلي والأعاصير المدمرة والزلازل التي أصابت بعض الدول فساوت بها الأرض ندرك أن هذه الأعاصير والزلازل والبراكين هي جند من جنود الله يعاقب بها من ظلموا أنفسهم والقرآن مليء بقصص الأقوام التي أهلكها الله بظلمهم لأنفسهم تخيلوا كل تلك الكوارث هي فقط ليذيقهم بعض ما عملوا وعفا عن كثير فما هو مقدار ذنوبهم وكيف لو آخذهم بكل ذنوبهم .
الضر أنواع :
منها ما سماه الله بالعذاب الأدنى . وهو العذاب الذي يريد الله بها أن يربينا ويؤدبنا ويذكرنا به لنرجع إليه فإذا رجعنا إليه رفع عنا العذاب وهي تندرج من أقل من طعنه شوكة أو ضربة بسيطة أو حرق بسيط الى ما هو أعلى من ذلك ولكن دون الموت .
ومنها العذاب المحيط هو عندما تصل الى قرب الموت وتدرك أن لن يخلصك الا الله وهذا يحدث مثل أن تكون سفينة على وشك الغرق أو ضعت في الصحراء بلا ماء أو طعام ومثل هذه من الأمثله
النوع الثاني هو عذاب الهلاك وهو العذاب الذي يوصل للموت ويأتي بعد الكثير من الفرص التي يعطيها الله للانسان بطريقة العذاب الأدنى فاذا لم يستجب يأتي العذاب والموت.
والنوع الثالث هو العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة والعياذ بالله
وسنوضح باذن الله كل نوع بالآيات وبقصص القرآن
نبدأ أولا بعذاب الهلاك وسنورد قصتين للتوضيح هما قصة قارون وقصة فرعون.

نبدأ بقصة قارون

سورة القصص, الآية -83-76:
(إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين،قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون، فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون،فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين،وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون،تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)

الحقيقة أنني بالأمس فقط ذهبت عني الغشاوة عن قصة قارون فدائما طوال حياتي كنت أظن أن قارون هو من قوم فرعون وأنه لا يعترف بالله ربا
الى أن قرأتها بالأمس وعرفت أنه من قوم موسى هو من ديانته ومن شيعته ولكنه تكبر بسبب المال وأشرك نفسه مع الله في نعمة المال وقال انما أوتيته على علم عندي وكيف أن أهل الصلاح كانوا ينصحونه ويذكرونه بربه ولا يستمع حتى أصبح عبرة للجميع وأهلكه الله ثم علم ضعاف الايمان أن الله يقدر الأرزاق وتابوا
سورة يونس, الآية -93-90:
)وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ، وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)
هذه أيضا قصة فرعون أتاه الله تسع آيات بينات ولكنه كفر بها وهو يعلم أنه الحق ولكنه تكبر على الحق. وأيضا أعطاه من الفرص الكثيرة هو وقومه من أنواع العذاب الأدنى لعله يرجع الى ربه ولكنه أصر واستكبر . حتى جاءه عذاب الهلاك.
عندها فقط أدرك الايمان وشهد بالله إله واحد ولكن اذا جاء عذاب الهلاك فلا توبة عندها ولا يقبلها الله . وكذلك كثير من القصص في القرآن عن عذاب الهلاك مثل قوم صالح وقوم عاد وثمود وغيرهم.
اذن فهمنا الآن عذاب الهلاك والآن أعطيكم مثال للعذاب الأدنى أو أحد أنواعه وهو العذاب المحيط

سورة الإسراء, الآية -69-67:
)وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا، أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا، أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا)

عندما يصاب الانسان بالعذاب المحيط تنقطع عنه كل أسباب النجاة فلا انسان ولا وسيله تستطيع أن تنقذه فلا يبقى عنده إلا مسبب الأسباب فيرجع إليه بالانابة والتوبة ويعطي ربه الوعود والمواثيق لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ولكن أكثر الناس عندما ينجيهم الله ينسون وعودهم والأشد أن فريقا منهم يشرك بالله فاذا أرسل الله له ما ينقذه أو من ينقذه أرجع فضل انقاذه الى ذلك الذي أرسله الله ولا يرجع الفضل الى الله.
تدبروا هذه الآيات العظيمة الكريمة

سورة النحل, الآية -56-53:
(وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ، ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون، ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون،ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون)
فإليه تجأرون أي تعودون اليه بالدعاء والانابة تفرون اليه

سورة الزمر, الآية 49:
)فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون)

أو اذا أنقذه الله وكشف الضر أرجع الفضل لنفسه وعلمه فأشرك نفسه مع الله!
سورة يونس, الآية 12:
)وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون)

ينسى الانسان أنه كان محتاجا الى الله وأنه دعاه فاستجاب له
سبحان الله ان الانسان لظلوم كفار
لا يرجع الفضل الى الله وانما الى نفسه وعلمه أو الى من أرسله الله لانقاذه
سورة الروم, الآية 36:
(وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون)
يغضبون من ربهم وهم السبب اصابتهم بالمصيبة بما كسبت أيديهم
سورة هود, الآية -11-9:
)ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور،ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور،إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير)
تدبر كم هي الآيات مؤلمة !
أليس هذا حال الكثير من الناس؟
سورة الإسراء, الآية 56:
)قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا)

لن يستطيع مخلوق في هذا الكون ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك هو فقط الذي يكشف الضر والسوء
ولكن متى؟
سورة النساء, الآية 147:
)ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما)

نعم ان الله غني عن عذابنا لن يعذبنا الا بما كسبت أيدينا والسبب لعلهم يرجعون.
فلا سبيل لكشف الضر الا أن تؤمن به وتعود وترجع الى الله وتشكره هو دون غيره فهو من سخرهم لك .
سورة المؤمنون, الآية 75-76
)ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون، ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون)

وهناك من الناس من يعلم الله أنه لو كشف عنهم الضر لزادوا في طغيانهم وحتى لو أصابهم العذاب لا يستكينوا لربهم ولا يتضرعون هؤلاء هم من يصيبهم عذاب الهلاك لأن الله يعلم أنه لا خير فيهم ولن ينفعهم العذاب الأدنى
والله سبحانه وتعالى له سنن وقوانين لا يحابي فيها أحدا وسننه تسري على الجميع سواء كان بعيدا عن ربه أو من العابدين أو حتى الأنبياء
فالجميع عنده عبيد له والجميع يسري عليهم نفس القوانين فهو عادل سبحانه. وكل ما كان الانسان أعلم بربه كلما كان ضره أشد . لأنه عالم بالله.
والأنبياء هم أعلم الناس وسأورد قصتين من قصص الأنبياء الذين أصابهم الضر
سورة الصافات, الآية -148-139:
(وإن يونس لمن المرسلين،إذ أبق إلى الفلك المشحون،فساهم فكان من المدحضين،فالتقمه الحوت وهو مليم، فلولا أنه كان من المسبحين،للبث في بطنه إلى يوم يبعثون،فنبذناه بالعراء وهو سقيم،وأنبتنا عليه شجرة من يقطين،وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين)
يونس عليه السلام كان رسولا الى قومه ودعاهم لعبادة الله الواحد وكان من المسبحين وهو عالم بربه . كذبه قومه فعلم أنه سيصيبهم العذاب وهو عذاب الهلاك وعادة يأتي الأمر من الله للأنبياء بموعد خروجهم من القرية حتى لا يصيبهم العذاب مثل لوط عليه السلام جاءته الملائكة يخرجونه .ولكن يونس لم ينتظر الأمر وخرج بدون اذن من ربه فأصابه ضر عظيم .
ركب في السفينة وكادت تغرق وعملوا قرعة بعد أن رموا بضائعهم لتخفيف الحموله وقرروا أن يعملوا قرعة ليرموا انسان فاختاروا اسمه ورموه من السفينة والتقمه الحوت . عندها فقط أدرك نبي الله أنه في ضر فدعا ربه أن لا إله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين.
وبعد أن آمن وتاب واعترف بذنبه فما يفعل الله بعذابه ؟ كشف ضره وأكرمه وأرجعه الى قومه
أيضا قصة آدم نعلم أنه ذاق من الشجرة التي حرمها الله عليه فقط ذاق وهذا قول الله في الآية ولم يشبع فأصابه الضر وطرد من الجنة .ولولا أنه تاب وأناب واستغفر لذنبه لكان من الخاسرين .
سبحان الله
معصية واحدة فقط قد تنقلك من حال الى حال فلا تستهين بأي معصية أو اوامر الله نمر عليها ونحن معرضين ولا ننفذها ونقول لا هذه صغيرة وليست كبيرة وهذه للمتقين وليس للجميع وهذه للصحابة والنبي ليست لنا ووووو انتبهوا!.

تفكري كم من المصائب مرت بك وكم من المشاكل مرت بك بسبب رفض أوامر الله
هذا الدرس أسأل الله العلي القدير أن يذكر كل واحدة فينا بذنوبنا القديمة المتراكمة في ملفاتنا حتى نستغفر الله منها ونصفي ملفاتنا حتى نأتي يوم القيامة ونستلم كتابنا بيميننا ولا نخجل مما فيه لأننا صفيناه في الدنيا ونقول هاؤم اقرؤا كتابيه اني ظننت اني ملاق حسابيه
الآن السؤال الذي يدور بخلد القارئ هل كل الضر والمصائب هي مما كسبت أيدينا ألا يوجد شيء اسمه ابتلاء المؤمنين والصالحين وابتلاء الأنبياء؟

أولا أسألك هل أنت مؤمن حقا؟
هل أنت من الصالحين؟
اذا قلت نعم فقد زكيت نفسك على الله. والله يقول( ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (
فلا تقل لنفسك أبدا أنك من المؤمنين الصالحين ولكن ادعوا واطلب من الله أن تكون منهم وابقى هكذا في الدنيا أي أن تكون بين خوف ورجاء

خوف أن تكون عند الله من المنافقين ورجاء أن تكون من الصالحين.
فاذا أصبت بالضر لا تقولي هو ابتلاء المؤمنين لانك بذلك وقعتي في تزكية نفسك وهو مدخل من مداخل الشيطان.
واقرأ دعاء ابراهيم عليه السلام مع ابنه اسماعيل ( واجعلنا مسلمين لك) يدعوا الله أن يكون مسلما
ويوسف يدعو ربه ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين) هؤلاء أنبياء ويدعون ربهم أن يكونوا مسلمين وأن يلحقهم بالصالحين فكيف نأتي نحن ومن نحن لنزكي أنفسنا ونقول نحن من المؤمنين ومن الصالحين وأن ما أصابنا هو ابتلاء مؤمنين صالحين.
هذا الضر هو نعمه من الله يربينا بها ويعيننا بها على محاسبة أنفسنا ومراقبتها على الدوام.
فكل ما أصابك من ضر سواء مرض أو ألم أو شوكة أو سقطة فكر وحاسب نفسك ماذا فعلت يومها هل اغتبت هل تجسست على أحد هل شتمت هل ……
أحيانا لا تتذكر أنك فعلت شيئا عندها اذكر الله ذكرا شديدا حتى يزول النسيان وتتذكر
واحيانا تكون قد عملت معصية لا تعلم أنها معصية لأنك لم تتدبر كامل القرآن وكامل أوامره لذلك اذا لم تتذكر تضرع الى الله وادعوه وألح بالدعاء ولا تستسلم حتى يعلمك الله قد تقع عينك على الآية وقد تسمعها في محاضرة المهم أن الله سيعلمك ان رأى صدق نيتك. ولكن لا تقل أبدا أنه ابتلاء مؤمنين لانك تخسر فرصة من الفرص ليعلمك ويؤدبك ربك
ومنهج الانبياء في التعامل مع الضر واضح في القرآن هم أنبياء ولم يزكوا أنفسهم وانما أول ما يخطر ببالهم هو أنه ربما هو ضر بما كسبت أيديهم.

آدم عليه السلام استغفر وأناب بعد المعصية مباشرة.

يونس عليه السلام استغفر وقال لا إله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين
اي الذين ظلموا أنفسهم بما كسبت أيديهم

سليمان عليه السلام عندما نسي التسبيح في العشي تعرض للفتنة وألقى الله على كرسيه جسدا فعلم أنه في ضر فأناب.
الصالحين يقعون أحيانا في وسوسة الشيطان في مجالات العبادة والتقرب الى الله لأنه يئس منهم في المعاصي فتجدهم يصابون بوسواس الطهارة ووسواس أن الوضوء غير صحيح وأن صلاتهم باطلة .أيوب عليه السلام وقع في الصبر والخجل من ان لا يصبر وعليه ان لا يدعو لكشف الضر.
سورة البقرة, الآية 155:
)ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)
هذه الابتلاءات هي لتهذيبنا وتأديبنا وتربيتنا لذلك الكافر هو الذي لا يستفيد منها لانه يقنط من رحمة الله ويغضب من ربه ويتفوه بكلام يغضب ربه
لكن الصابرين على هذه الابتلاءات هم الذين يحبهم الله لانهم رضوا بالله وبعلاجه لهم فيبشرهم بالاجر الكبير على صبرهم
هل اذا رأيت انسان في ابتلاء يجوز أن تقول له أن هذا بما كسبت يديك؟
اذا فعلت فقد أسأت الظن بالناس ووقعت في معصية سوء الظن به. أنت فقط تعلم أبناؤك عن سنة الضر في القرآن أو الناس ولكن لا تذهب الى مبتلى لتقول له أنت في عذاب أدنى لأنك لا تعلم ما في نفسه أحسن الظن بالناس وعليك بمحاسبة نفسك فقط .
قد يصاب الانسان بالابتلاء ويكون هذا الابتلاء هو للتمحيص أو في مجال الدعوة الى الله أو الجهاد في سبيله .وهذا هو الابتلاء الذي يصاب به الصالحين.
نذكر في قصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما ذهب الى الطائف ورموه بالحجارة. أول ما خطر له عند الدعاء خوفه أن يكون ضرا أصابه فقال ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي . ولكن كان هذا ابتلاء في سبيل الدعوة الى الله سنة المرسلين والانبياء في القرآن واضحة فهم يتعرضون للابتلاءات في سبيل الدعوة
هذه أمثلة لابتلاءات التمحيص
سورة التوبة, الآية 16:
)أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون)
سورة محمد, الآية 31:
)ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم)
سورة آل عمران, الآية 142:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)
سورة البقرة, الآية 214:
)أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)
سورة العنكبوت, الآية -3-2:
(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون،ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)

اقرأ وركز فيها قد تكون تعرضت لهذا النوع من الابتلاءات في بداية تدينك أو ستتعرض لها عند الدعوة الى الله أو الجهاد في سبيل الله أو عندما تبدأ طاعة جديدة ليمحصك الله ويعلم الصادقين ويعلم الكاذبين
ولكن من تجربتي انتبه قد تقع في فخ شيطاني لتزكية نفسك قد تكون ارتكبت معصية وجاءك عذاب أدنى وانت تظن انه من هذا النوع من الابتلاءات
لذلك اذا فكرت وذكرت الله كثيرا ودعوته وألححت عليه بالدعاء ولم تتذكر ذنبك فلا تزكي نفسك ولكن كن بين خوف ورجاء خوف أن يكون عذاب أدنى ورجاء أن يكون ابتلاء الصالحين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *