الدرس الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

نكمل مرحلة التشويق مع الفريق الثاني من الفرق الثلاث التي تكلمنا عنها وهي:
السابقون السابقون.
أصحاب الميمنة.
أصحاب المشأمة.

وهذا الفريق عدده كبير من الأولين ومن الآخرين.

(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ)
[سورة الواقعة 27]

يستخدم ربنا أسلوب التشويق بهذه العبارة لنتشوق لمعرفة من هم وما هو نعيمهم.

ثم يبدأ بسرد نعيمهم..

(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)
[سورة الواقعة 28 – 29]

تخيل معي وجودك في جنات ونهر في ذلك الجو الجميل تحت أشجار السدر الخالية من الشوك والطلح المنضود وهي الأشجار الكبيرة.
عندما تعيش في منطقة ذات أشجار كبيرة تحت ظلها والهواء عليل تشعر بالراحة والسكون والسعادة فما بالكم بالراحة في الجنة حيث لا شمس تحرق ولا برودة زائدة تؤذي.

(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)
[سورة اﻹنسان 13 – 14]

تحت تلك الظلال الممدودة الوارفة على تلك الأرائك..

ولكن هل فكرتم كيف تكون الظلال هناك دون شمس؟

فالشمس في الدنيا هي من تظهر لنا الظلال.

(أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)
[سورة الفرقان 45 – 46]

إنه نور من الله لأهل الجنة نور تشرق به الجنان فكيف يكون ذلك النور يا ترى..

وهل فكرتم لماذا تتكرر لفظة الظلال كنعيم من أنعم الجنة في القرآن الكريم؟

لاحظوا معي..

(هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)
[سورة يس 56]

(وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)
[سورة اﻹنسان 14]

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ)
[سورة المرسلات 41]

(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا ۖ وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ)
[سورة الرعد 35]

(وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)
[سورة الواقعة 30]

لماذا يا ترى…

التعرض للشمس يتعبنا ويستهلك طاقاتنا والظل هو منطقة الراحة من حرارة الشمس وحرها.

كذلك المؤمن يجاهد ليكون في نور الآيات ويتحرك بنورها وهذا يأخذ من جهدا وطاقة على الدوام ويحتاج للراحة ولكنه يعلم أن الراحة ليست في الدنيا بل منطقة الراحة هي في الجنة فجزاهم الله تلك الظلال الدائمة والممدودة عليهم فهم هناك في منطقة راحة دائمة..

بعكس أهل النار الذين كانوا في منطقة الراحة في الدنيا فجزاهم الله ظلالا حارقة في النار والعياذ بالله وسنتطرق لظلال أهل النار عندما نتطرق للفريق الثالث إن شاء الله.

نعود للتشويق إذن أشجار وارفة وجو جميل تحت ظلال ممدودة.

هل تعلمون ما ينقص المشهد؟
إنه الماء!

(وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ)
[سورة الواقعة 31]

كم تسعد العين وتبتهج القلوب برؤية هذا التمازج بين الماء والخضرة ولن يشعر بهذا إلا من زار مكانا مخضرا مع ماء مسكوب. تجده تلقائيا يقول كأنها الجنة سبحان الله.

لذلك نجد دوما عند ذكر الجنة يذكر الله المياه والعيون والأنهار.

فهل نكتفي بالنظر؟
لا!

بل هناك أيضا الطعام من فواكه كثيرة لا مقطوعة بموسم دون موسم ولا ممنوعة عنا فكلها لنا.

(وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ)
[سورة الواقعة 32 – 33]

تأكل وتشرب على تلك الفرش العالية الفخمة. فكلما زاد ارتفاع السرير كلما زادت فخامته.

(وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ)
[سورة الواقعة 34]

ثم يصف الله لنا نساء الجنة لأصحاب اليمين..

فيقول جل في علاه

(إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ)
[سورة الواقعة 35 – 38]

أنشأهن انشاءا أي أعاد خلقهن بعد أن كن عجائز في الدنيا أصبحن شابات وأبكارا بعد أن كن ثيبات في الدنيا وهذا لأصحاب اليمين.

وكما قلنا العدد كبير في الآخرين بعكس السابقون السابقون الذين هم قلة.

(لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
[سورة الواقعة 38 – 40]

وإن كان جزاؤهم رائعا جدا ويكفي أنه من رب رحيم. إلا أنه هناك فرق كبير في النعيم بين السابقون وبين أصحاب اليمين.

فما هي الإختلافات؟

عد للآيات من سورة الواقعة من 10-40 وشاركونا..

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *