بسم الله الرحمن الرحيم
النقطة الثانية : الإتقان والجودة في التوبة النصوح .
سورة التحريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8).
(تَوْبَةً نَصُوحًا) : نصوحاً يعني خالصة ، يعني صافية ، وهذا يقتضي الإتقان ، أن تتقن توبتك ، أن تحققها بجودة عالية ، كيف ذلك ؟
ركز : عليك أن تجعل نفسك دائماً مكان الطرف الآخر، حينما يتعلق الأمر بخصومة ، هناك خصومة بينك وأنت المدير للشركة مثلاً وبين عاملك ، أنت المدير ووقعت خصومة بينك وبين العامل في المتجر ، وتريد أن تتوب توبة نصوحاً ، حاول أن تستحضر نفسك مكان ذلك العامل ، ماذا تريد ؟ يعني حاول أن تتقمص دوره ، حتى تعرف ماذا يريد؟ ، وكيف تريد أنت أن يعاملك الآخرين ؟ ، من خلال ذلك يمكن جداً أن تحقق التوبة النصوح ، يعني تتقنها ، والإتقان هو الجودة .
عندما نقول بناء ، بنائه نصوح ، بناء يبني بناء نصوحاً ، ما معني بناء نصوح ؟ ، يعني حينما يبني لا يبني لكي يتخلص من هذا العمل في أقرب وقت ممكن ، يبني وكأنه هو الذي يسكن في ذلك البيت ، يتقن عمله جيداً ، حينما يبني هو يبني للآخرين ، هو يبني مساكن ليسكن فيها الآخرون من الناس ، لكن حينما يبني يبني وكأنه هو الذي سيسكن في تلك الدار ، كيف سيكون البناء ؟
هكذا لا بد من الإتقان ولا بد من الجودة ، وإلا فالتوبة لن تكون صادقة ، لن تكون خالصة ، ستأخذ حقوق الآخرين ، ستنقص من حقوقهم ، فتكون التوبة مزيفة ، عبارة عن شعارات .
النقطة الثالثة : قواعد تصفية الملفات والتأكيد على تصفية جميع الملفات .
سورة التحريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8).
ذكرنا سابقاً بعض قواعد تصفية الملفات :
القاعدة الأولى : أن تعود بذاكرتك إلى الوراء ، 20 سنة ، 30 سنة ، 40 سنة ،50 سنة ، 60 سنة ، 70 سنة ، وتجتهد في أن تتذكر السيئات والذنوب والمعاصي التي وقعت فيها ، والمظالم التي بينك وبين الناس ، عليك أن تجتهد أولاً في تذكرها .
القاعدة الثانية : قبل تصفيتها أن تسأل المتمكنين في علم الشريعة من ذوي الاختصاص والتجربة والكفاءة والأهلية ، وهذا يقع حتى في الأمور المادية ، الإنسان عندما تفسد ساعته اليدوية التي يرى بها التوقيت ، عندما تفسد فإنه لا يصلحها بنفسه ، بل يتجه بها إلى من يصلح الساعات ، وعندما تتعطل سيارته ، وليست له خبرة في إصلاحها ، فإنه لا يصلحها بنفسه ، بل يتجه بها إلى من يصلح السيارات ، وهكذا عندما تفسد الأجهزة والمعدات ، نتجه بها إلى ذوي الاختصاص ، فالأمر نفسه هنا .
القاعدة الثالثة : أن تنوي تصفية كل شيء ، تنوي أن تقوم بتصفية جميع الملفات وبدون استثناء ، وأن لا تبقي ملفاً واحداً ، وأن لا تفرق بين الملفات المتعلقة بالشعائر ، والملفات المتعلقة بالمعاملات ، لا فرق بين هذا وذاك .
سورة آل عمران : … وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ …(119).
سورة البقرة : … أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85).
إذن تنوي من حيث النية ، من حيث العزم ، من حيث القصد ، تنوي أن تقوم بتصفية كل شيء ، أن تقوم بتصفية جميع الملفات وبدون استثناء ، وأن لا تبقي ملفاً واحداً ، ولا فرق بين الملفات المتعلقة بالشعائر والملفات المتعلقة بالمعاملات .
فقد تكون أخللت بصلاة ما في يوم ما في سنة ما ، عليك أن تسأل عن تلك الصلاة ، هل تعيدها أم لا ؟ ، هل تلزمك اعادتها أم لا ؟ لا بد أن تسأل ، و قد تكون أخللت بصيام يوم ما ، بصيام يوم من أيام رمضان ، عليك أن تسأل ، هل تلزمك إعادة ذلك اليوم أم لا ؟ هذه كلها شعائر ، فعليك أن تسأل عن كل الشعائر .
وكذلك المعاملات ، المعاملات التي بينك وبين الناس ، سواء كانت معاملة زوجية بينك وبين زوجتك ، أو الحقوق التي بينك وبين والديك أو أخوتك أو أبنائك أو أرحامك ، كل هذا عليك أن تسأل عنه ، قبل أن تقوم بتصفيته ، كذلك المعاملات المالية ، والمعاملات بينك وبين الزبائن ، المعاملات بينك وبين مدير الشركة ، أو الشركاء في التجارة ، أو في المؤسسة الاقتصادية .
سورة آل عمران : … وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ …(119).
سورة البقرة : … أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85).
مثلاً اجتهدت في تذكر الملفات ، فأحصيت 100 ملف ، عليك أن تنوي القيام بتصفية 100 ملف ، وإياك من حيث النية أن تترك ملفاً واحداً ، أو تذكرت الخصوم ، تذكرت الذين بينك وبينهم خصومة فأحصيتهم ، فوجدتهم 100 خصم ، أو 100 مظلوم ، لا بد أن تأدي الحقوق إليهم جميعاً ، أن تنوي القيام بتصفية جميع جميع جميع ما بينك وبين هؤلاء من ملفات ، وإياك أن تترك ( من حيث النية ) خصماً واحداً أو مظلوماً واحداً بدون تصفيته ، يعني أن تنوي تصفية جميع ملفات الخصوم والمظلومين ، ولا تترك ولا حتى خصماً ولا مظلوماً واحداً ، لأنه انطلاقا من تلك النية قد لا توفق .
سورة هود : وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88).
يتبع.