بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا من لدنه علما وحكمة إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 – 3]
قاعدة مهمة في القرآن الكريم
إما أن تكون مؤمنا حقا
أو تكون مرتابا
والإرتياب يتدرج من أقل من 1 % في القرآن إلى 100% وهذا هو الكافر المجاهر بكفره.
أو تكون موقنا 100%
لا يوجد شيء اسمه موقن 99.9%
المؤمن بالكتاب يكون موقنا 100% ولا يساوره أدنى شك ولو كان بنسبة
.0.000000000000001%
المرتاب هو المنافق
الذي يحمل في نفسه الشك ويكون بين بين لا هو مع المؤمنين ولا هو مع الكافرين.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)
[سورة النساء 143]
تجده مع المؤمنين يصدق على كلامهم ويشهدهم أنهم على الحق .
فإذا فارقهم سخر منهم وذهب لأمثاله وصدق على كلامهم أنهم على الحق.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)
[سورة البقرة ]
في حين أن المؤمن لا يرتاب أبدا
((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُون))َ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)
[سورة الحجرات 15]
(إنما) أداة حصر
إنما المؤمنون
وحدهم المؤمنون
لم يرتابوا بعد إيمانهم
ومن يرتاب فهو مازال لم يصل للإيمان الحق
فالمسلم ليس بالضرورة أن يكون مؤمنا إيمانا خالصا 100%
كما كان مع الأعراب
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ ((قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)) وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ ((وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة الحجرات 14]
فالإيمان مرتبط بالعمل الصالح
بطاعة الله ورسوله.
طاعة مطلقة 100%
وإلا فهو مازال لم يصل للإيمان
المرتاب إن لم يبدأ برحلة البحث عن الإيمان فقد يصل للظن بعدها أن النبي عليه الصلاة والسلام قد افترى هذا الكتاب وأنه ليس من رب العالمين.
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 – 3]
السر في الوصول لليقين 100% بهذا الكتاب يكمن في كلمتي ( رب العالمين)
لاحقا سأخبركم كيف يكون ذلك.
وأيضا سأخبركم لماذا نركز على أهمية الوصول لليقين بآيات القرآن؟
ما هي العلاقة بين هذا وبين الوصول للخشوع والسجود القلبي والذي هو هدف هذه الدورة؟
أعطيكم مشهدا من عالم الشهادة..
غلام عاق لوالديه لا يريد تنفيذ أي أمر لهما ويتهرب من تنفيذ تلك الأوامر وقد يتجرأ على اعلان رفضه لتنفيذ الأمر صراحة وبكل جرأة ووقاحة وقد يصل لرفع صوته عليهما.
ولكن فكروا معي..
متى يعود هذا الغلام لوالديه ذليلا يطلب رضاهما ويضطر لمجاملتهما ولو على مضض مضطرا وقد يعرض خدماته عليهما بنفسه؟
عندما يكون محتاجا !
عندما يمرض ويحتاج للعلاج والرعاية
عندما يجوع ويحتاج للطعام
عندما يحتاج للخروج من البيت بالسيارة
عندما يحتاج للمال أو المصروف
عندما يحتاج أن تدرسه درسا أو تعلمه شيئا
بمعنى آخر
عندما يحتاج منك شيئا
يتذكر حينها أن والده هو رب البيت
وأن والدته هي ربة البيت
يتذكر أنهما هما من يمدانه بكل احتياجاته فيخضع لهما.
ولله المثل الأعلى
كذلك بعض الناس هكذا يتصرفون مع ربهم
لا يدعونه
لا يتنفلون له
بل أحيانا لا يقومون بالفرائض
ويعصونه
وإذا احتاجوا إليه عادوا إليه منكسرين
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 – 3]
إذا ذكرنا الله دوما
إذا كان ببالنا طوال الوقت أنه هو وحده رب العالمين
وأننا لا نعيش بدونه وأننا نحتاجه طوال الوقت فسنصل دوما للإفتقار والخضوع والإنكسار بين يديه لأن حاجتنا إليه مستمرة لا تتوقف.
بدونه لا نتنفس
لا ينبض قلبنا
لا نبتلع طعامنا
لا نهضم طعامنا
لا نحرك جوارحنا
لا نعيش أبدا بدون الحاجة إليه
ولكنها بكل بساطة…
الغفلة عن أفعاله لنا
إن ذكرنا أفعاله سنقدم على
إرضائه دوما
وتنفيذ أوامره دوما
لكي يرضى عنا دوما
ويجيب دعاءنا دوما
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ ((أُجِيب))ُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ ((فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي)) وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
[سورة البقرة 186]
تريد أن يستجيب لك عند حاجتك وضعفك وانكسارك؟
استجب لأوامره أولا
قد يستثقل ذلك الكثير من الناس
ويقول قائل
يريدني أن أكون مطوعا لكي يستجيب لي ؟!!!
كالإبن الذي يعصي والده ويعقه ويستغرب أن لا يشتري له والده كل ما يحتاجه.
والمطلوب أن يحصل على كل حاجاته ومن بينها محبة والده له دون أن يبذل أي مجهود
لنصل للخضوع لربنا
وبالتالي القرب منه
واجابته لدعائنا
علينا أولا التوصل لليقين بأن هذا الكتاب لا ريب فيه وأنه تنزيل من رب العالمين.
أنه رسالة من رب العالمين.
أن فيه أوامره ونواهييه
أن فيه ما يرضيه وما يغضبه
بين أيدينا كنز ثمين
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)
[سورة الواقعة 75 – 78]
هو خارطة الطريق لجنة عرضها السموات والأرض.
ليست فقط خارطة وإنما أيضا بها بوصلة ومفتاح الخريطة وشرح كاف وواف لطريقة استخدامها.
(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
[سورة اﻷنعام 153]
فهل استشعرتم قيمة هذا الكتاب الذي أنعم الله به علينا؟
(تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
[سورة السجدة 2 – 3]
من الأسباب التي تعيننا على التذكر الدائم أنه رب العالمين هو :
قراءة القرآن مع تدبره
والذكر الكثير طوال اليوم
والتسبيح بكرة وعشيا ومن الليل.
التذكر الدائم يبقينا في خضوع وافتقار وانكسار دائم
هل ترون كيف يحتاج الطفل الصغير الضعيف لأمه ؟
فهو يلاحقها أينما كانت حتى ولو لم تكن له حاجة لها فإنه يتعلق بثوبها ويراقبها يمنة ويسرة مخافة أن تفارقه ولا يجدها.
كن ذلك الطفل الصغير المحتاج !
تعلق بربك من خلال ذكره الدائم حتى ولو شعرت أنه ليس لك حاجة استمر بالتعلق به وراقبه فلا تعصيه فهو مطلع عليك واخش أن تقوم بفعل يبعدك عنه وتفقد معيته والأنس بذكره.
القرآن حق من رب العالمين وهو النذير الذي ننذر به الناس جميعا بآياته.
لعلهم يهتدون.
لعلهم يعرفون ويميزون الطريق إلى الجنة ويسيرون عليه بحب ورغبة لمرضاة الله.
ولكن كيف نبدأ ؟
من أين نبدأ؟
كيف نجعل القلوب تتعلق بربها وتحبه وتسعة لرضاه؟
هذا ما سنتدبره غدا إن شاء الله.
إربطوا الأحزمة غدا سنحلق إن شاء الله في عالم التأمل والتفكر.
شاهد هذا الفيديو ..
مشاهدة “الافتقار إلى الله تعالى درس مؤثّر للدكتور محمد راتب النابلسي” على YouTube – https://youtu.be/P0Kb59uW-0s
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
استقبل اﻵن الأسئلة والمناقشات