الدرس الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

آيات كثيرة تكشف لنا الدنيا لنتعرف عليها ونتعامل معها بحقيقتها

(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة يونس : 24]

الحياة الدنيا دورة حياة
تماما كدورة حياة النبات
ونحن كالنبات تماما

(وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا) [سورة نوح : 17]

ولنا دورة حياة
وكل شيء في الدنيا له دورة حياة
(((إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَام))ُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة يونس : 24]

نهاية النبات أن يستفاد منها نأكلها ويأكلها الأنعام
كذلك الفرق بين المؤمن والكافر
ينبت ينمو ثم له نهاية و قد يستفاد من المؤمن أنه يترك أثرا طيبا يستفاد منه.
ولكن الكافر من عاش حياة الأنعام يأكل كما تأكل الأنعام.

(..وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) [سورة محمد : 12]
هؤلاء يموتون ولا يتركون إلا أسوأ أثر. سيئات جارية من الإضلال
(..ُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة يونس : 24]

كلما اطمأن الناس للدنيا ونسوا الآخرة وغرتهم وتشبثوا بمتاعها زينوا الأرض ظنا أنها قرارهم وزخرفوها وكأنهم خالدين فيها
ثم تنتهي دورة الحياة وهم لا يشعرون يتركون الزخارف والزينة ليتوسدوا التراب تحت الأرض.
وكم رأينا من آثار من هم قبلنا زينوا الدنيا وعمروها .
أين هم؟

تحت التراب
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [سورة الروم : 9]

ولكن أنفسهم يظلمون

سبحان الله هذه القرى اجتمعت على معصية الله إلا قليلا وجاءهم المنذرين فكان لقب قريتهم عند الله ” القرية التي كانت تعمل الخبائث”!!!
(وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ((الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ)) إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) [سورة اﻷنبياء : 74]

تخيل أنك تتوقف عن الاصلاح والأمر بالمعروف .
هل تعرف عنوان سكنك عند الله؟
” القرية التي كانت تعمل الخبائث”
سبحان الله علينا حقا أن نتوقف لحظات لنتفكر ..
ما الذي غرنا ؟
فكل ما فوق التراب يصير إلى تراب
غرتنا الدنيا وزينتها
لماذا نفرح بها وننسى الفرحة في اﻵخرة
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [سورة اﻷعراف : 32]
هذه الزينة والطيبات من الرزق سلاح ذو حدين
هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم في الآخرة
بمعنى من آمن في الدنيا مختارا ولم يؤجل الإيمان للآخرة مجبورا.
هؤلاء المؤمنين الذين لم يتعلقوا بالدنيا ستكون لهم هذه الزينة خالصة لهم يوم القيامة
أما من تعلق بها وظن أنه لا حياة بعدها هم من يحرمون منها يوم القيامة
ويوم القيامة ينادونهم يطلبونها من المؤمنين فماذا يردون عليهم؟
(وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) [سورة اﻷعراف : 50]
ومن هم الكافرين هنا ؟
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) [سورة اﻷعراف : 51]
الذين لعبوا في الدنيا و لهوا
وقد علمهم الله أنها لعب ولهو وحذرهم ونبههم وأصروا على اللعب واللهو
ونسوا الذكر فنسوا اليوم الآخر
وكان العقاب من جنس العمل

“فاليوم ننساهم “
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) [سورة اﻷعراف : 51]

تنسى لقاءه فينساك كلك
فمن ينسى الآخرة ويكره لقاء الله يكون ذلك بما قدمت يداه
(قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة البقرة : 94]
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [سورة البقرة : 95]
من يذنب يخاف الموت ويكرهه ويكره ذكره يكره لقاء الله لأنه يعلم مصيره
(وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ ((أَبَدًا)) بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [سورة الجمعة :
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [سورة البقرة : 96]
تجده حريصا على حياته يتمنى أن لا يموت أبدا ولكن وإن عمر طوال الحياة فنهايته لقاء الله

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [سورة العنكبوت : 57]

مصيرنا الرجوع فماذا أعددنا له
هل وجهنا أعمالنا وإنفاقنا لدار القرار؟
علينا ان نحسب العده قبل فوات الاوان
قال أحد الصالحين بعد أن لاموه لكثرة صدقاته قال له أرأيت ان كنت تنتقل من دار إلى دار أتترك في الأولى شيئا؟
انفاقنا أكثره للدنيا والتمتع فيه والترفيه فانظروا ماذا قال عز وجل عن ذلك
(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 117]
وكأن انفاقك للدنيا يفنى كما تفنى مزرعتك بريح صرصرا عاتية فلا يبقى منها ما ينفعك
مزرعتك التي تعبت في حرثها وزراعتها والاهتمام بها
مثل الدنيا
تزرعها لتحصدها في اﻵخرة
أو تفنى بنهاية حياتك

بينما عندما تنفق للآخرة وترسلها فيبقى عند الله
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [سورة البقرة : 245]

وإليه ترجعون…
اعتبر الآخرة هي حسابك البنكي ترسل إليه أموالك لتحافظ عليها فالله سبحانه وتعالى قد ضمنها لك
سيجد في الاخره رصيد اكثر مما عمل لان الله يضاعف له
(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل : 96]

لذلك نجد من فوائد الإنفاق ترك التعلق بالدنيا .
ومن صفات المؤمنين الإنفاق
ووردت هذه الصفة كثيرا جدا في القرآن. فهو يطهر القلب ويزكيه ويعلق قلبه بالآخرة
بينما نجد من صفات المنافقين البخل
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ و((َيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ))ۚ ((نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم))ْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [سورة التوبة : 67]

وعندما ننفق شئآ يجب علينا ان نحسن النيه وتكون خالصة لوجه الله .
من رحمة الله بنا اننا عندما نغتر بالدنيا و النعم يذكرنا بأنها زائلة بالمصائب التي تصيبنا ليلاً او نهاراً لعلنا نرجع الى الصراط المستقيم
نتابع غدا ان شاء الله
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *