الدرس الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

لو أن لك طفلين تحبهما أحدهما مطيع مرهف حساس يتأثر بنظرة حادة توجهها إليه فينقاد سريعا والآخر لا تنفعه نظرة ولا كلمة ولا حتى زجرة وأنت تحبه فتبدأ بضربه خفيفة على يده ولا يطيع فتزيد الحدة كونه يرفض الإنصياع ولا تريد إلا إنقاذه من خطر يسعى إليه. فتزيد في قوة العقاب وتنوعه لعل أحدها يؤثر عليه.

الله ألطف وأرحم بعباده منك. وهناك فرق بين من يتأثر بنصح أو موعظة وبين من يتلقى الضربات التي تتزايد في حدتها ولا يتوقف ليحاسب نفسه.

(لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَمَن یُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ یَسۡلُكۡهُ عَذَابࣰا صَعَدࣰا)
[سورة الجن 17]

نعم عذابا صعدا أي متصاعدا في الحدة والقوة.

فدعونا في هذا الدرس نتذاكر السبع الموبقات التي جاءت في هذا الحديث.
حيث أن الكثير واقع فيها أو أحدها.

أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتَنبوا السَّبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ : وما هنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ ، وأكلُ الرِّبا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ) [رواه البخاري]

الأولى:

هي الشرك بالله وصوره في زماننا كثير مثل الدعاء الموجه لغير الله مثل الطلب من طاقة الكون والتبرك بالناس ممن يظن أن فيهم البركة والدعاء من أصحاب القبور ممن يظن أنهم من الصالحين والظن أن الأحجار أو التمائم قادرة على جلب النفع ودفع الضر عنهم والتوجه بالطاعة المطلقة لغير الله في معصية الله. وأيضا الرياء فهو شرك خفي أيضا وغيره من صور الشرك بالله في صفاته كاعتقاد أن الرزق بيد مخلوق وغيره.

(وَیَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَیۡنَ شُرَكَاۤؤُكُمُ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ ۝ ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِینَ ۝ ٱنظُرۡ كَیۡفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ)
[سورة الأنعام 22 – 24]

الثانية:

السحر وكيف أنه انتشر بطريقة كبيرة لانتشاره في المواقع ووسائل التواصل وسهولة تعلمه. وكثير منهم يدعي أنه يستخدمه في الخير ولكن السحر سحر فلا يخدعن أحد نفسه ولا غيره. فلن يقوم بسحر إلا بعون من شياطين الجن. وذهاب الناس للمشعوذين لعمل السحر للناس وقتل الضمائر الحية بحجج واهية وتوهم النية الحسنة من وراءها لا يقل اجراما عن الساحر نفسه. فتجد الزوجة تسحر زوجها مخافة ان يحب غيرها. أو شاب يسحر من يحبها لتوافق على الزواج به. أو سحر العم ليرجع إرثهم أو الانتقام ممكن يظنون أنه سحرهم. يتوهمون نية حسنة لقتل الضمير بداخلهم. فهذا من السبع الموبقات.

(وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ یَقُولُ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ إِیَّاكُمۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ۝ قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِیُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ)
[سورة سبأ 40 – 41]

الثالثة:

قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق تجد قتل الجنين الذي يظنونه مشوها أو معاقا وقتل الوليد الذي حملته أمه سفاحا وقتل الأرحام بعضهم لبعض بسبب مال أو مشادة كلامية. وقتل الزوجة زوجها بسبب غيرة أو رغبة في ميراثه أو حبا لغيره وكذا عند الزوج. انتشر القتل فأصبح المسلم يقتل أخيه بسبب السياسة وبسبب الطائفية واختلاف في الفقه والفتاوى. انتشر في زماننا القتل حتى أصبح المقتول لا يعلم لم قتل ولا القاتل يعلم لم قتل.

(وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِیمࣰا)
[سورة النساء 93]

الرابعة:

أكل الربا والتعامل به فمن يفعل هذا فقد أدخل نفسه في حرب مع الله ورسوله. قد تكون حرب نفسيه كالعداوة والبغضاء والحسد والسحر أو جسدية كالأمراض العضوية والحوادث والإعاقات.

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ۝ فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ فَأۡذَنُوا۟ بِحَرۡبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَ ٰ⁠لِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ)
[سورة البقرة 278 – 279]

الخامسة:

أكل مال اليتيم والتساهل فيه فكم من عم أو خال أو جد تساهل بأكل مال أيتام أخيه أو أخته أو أحفاده طمعا بما عندهم فلم يجر لنفسه إلا العذابات المتصاعدة.

(وَلَا تَقۡرَبُوا۟ مَالَ ٱلۡیَتِیمِ إِلَّا بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُوا۟ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولࣰا)
[سورة الإسراء 34]

السادسة:

التولي يوم الزحف فنعطي أعداءنا ظهورنا
ليطعنونا بكل سهولة ونحن لا نكترث.

السابعة:

قذف المحصنات المؤمنات الغافلات وهذا منتشر بكثرة وبتساهل شديد فكم نسمع في المجالس قذف المحصنات وكأنه أصبح فاكهة المجالس سبحان الله العظيم مع أنه حد من حدود الله يستوجب الجلد ثمانين جلدة.

(وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَأۡتُوا۟ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَاۤءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَـٰنِینَ جَلۡدَةࣰ وَلَا تَقۡبَلُوا۟ لَهُمۡ شَهَـٰدَةً أَبَدࣰاۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝ إِلَّا ٱلَّذِینَ تَابُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰ⁠لِكَ وَأَصۡلَحُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ)
[سورة النور 4 – 5]

هذه السبع الأشد فانظر فيها هل تجد نفسك واقعا في أحدها؟

تذكر أن أسرع طريق للشفاء هو التوبة منها فسارع. وإن لم تجد فسنتابع غدا ان شاء الله بقية الذنوب التي نذكر بها بعضنا.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *