بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
[سورة النحل 97]
لنحيا في الدنيا التي هي دار عبور حياة طيبة فنحن بحاجة لمتاع يبلغنا للدار الآخرة.
فالمسافر لكي يرتاح في سفره ويعيش خلالها حياة طيبة ليتمكن من أداء ما سافر لأجله بأريحية فهو بحاجة لمتاع
قد يكون طعاما يتقوى به أو شرابا يروي عطشه أو لباسا يواري سوأته ويدفئه أو فراشا ينام عليه أو زوجة أو ولد يعيناه على الغربة ويؤنسانه أو مالا يتمكن به من أداء ما سافر لأجله سواء علاج أو دراسة أو تجارة وغيره
ونحن أيضا في هذه الدنيا بحاجة للمتاع متاع الدنيا
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)
[سورة آل عمران 14]
فمن فقد أحد هذه الأمور شعر بالنقص وظل يدعو الله بأن يرزقه ما يفتقده .
ولذلك ربنا جلا وعلا يعطي المؤمن بالله المؤمن بالكتاب المؤمن بالغيب حلولا لو تمسك بها ونفذ الشرط كما يرضي الله لحصل على وعد الله والله صادق في وعوده
الوصفة هي الإستغفار ونجدها في ثلاثة مواضع
في كتاب الله
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)
[سورة نوح 10 – 12]
إذن الشرط هو :الإستغفار
الوعد هو : المغفرة
الماء من السماء
الأموال
البنين
الجنات
الأنهار
هذا في الموضع الأول أما في الموضع الثاني فنجده قد شمل كل متاع نحتاجه.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ)
[سورة هود 3]
الشرط هو: الإستغفار والتوبة
الوعد هو : المتاع الحسن والفضل منه سبحانه
وفي الموضع الثالث نجده قد زاد متاع القوة
سواء قوة صحية أو قوة بدن أو قوة اقتصادية أو عسكرية وووو…
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)
[سورة هود 52]
ولكنه زاد هنا للشروط : ولا تتولوا مجرمين
وقد يقول قائل ولكني استغفرت كثيرا ولم أحصل على هذا الوعد .
نقول له وعد الله حق ولكن ليتحقق وعد الله لابد من الإتقان في تنفيذ الشروط.
مثلا هل استغفرت بطريقة الإنكسار والإفتقار والتذلل لله رب العالمين عن كل معصية قمت بها أم أنك تردد عبارة (أستغفر الله) آلاف المرات دون أن تجاوز لسانك إلى قلبك؟
أو هل قمت بالإستغفار موقنا بوعد الله أم مرتابا مجربا؟
هل تبت من معاصيك توبة نصوحة بشروطها أم فقط كنت تردد (أستغفر الله وأتوب إليه)؟
هل تنوي بالإستغفار أن تواصل به حتى تنال وعد الله ثم تعود لسابق عهدك أم تنوي التغيير للأفضل طوال الحياة؟ لا تنس أنه عليم بذات الصدور !
لنرى نماذج من استغفار الأنبياء وكم فيها من الإنكسار والإفتقار والتذلل بين يدي الله طلبا لمغفرته.
(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
[سورة اﻷعراف 23]
استغفار آدم عليه السلام وزوجه
اعتراف ، انكسار ، تذلل ، رجاء، وتوبة نصوحة لم يعودا بعدها لما فعلوه.
(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ)
[سورة القصص 16 – 17]
نفس الشيء اعتراف وتذلل وانكسار ورجاء وتوبة نصوحة عاهد ربه أن لا يعود بعدها أبدا
فهل استغفارنا يصل لهذا المستوى؟
أم أنه ترديد باللسان فقط ولا يفقهه القلب ولا معه شعور بالندم ولا توبة ولا معاهدة صادقة بعدم العودة؟
نريد أن نغير استغفارنا من اليوم فصاعدا
علينا أن نعيد النظر في اسلوبنا
لكي نحصل على كل ما يعيننا من متاع في الحياة الدنيا لنحيا الحياة الطيبة.
هل الإستغفار فقط هو الحل ؟
سنعرف ذلك إن شاء الله في الدرس القادم.
فتابعونا
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.