الدرس الثالث عشر

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.

اليوم بإذن الله نتعلم كيفية التدبر في الآيات وهو النظر في عواقب الأمور وتكون في أحوال الأمم السابقة أو ما نسميها بالسنن في القرآن.

إذن آيات التفكر هي الآيات التي تتحدث عن الكون بمكوناته بما فيهم نحن وآيات التدبر هي التي تتحدث عن أحوال الأمم السابقة نرى ماذا فعلوا وماذا حدث لهم نتيجة فعلهم.

والهدف من تدبر أحوال الأمم السابقة هو أن نتجنب العواقب الوخيمة التي حصلت للهالكين منهم وبالمقابل نجد الثبات على الصلاح عندما نقرأ عواقب الناجين والمكرمين عند الله.

وعبارة السنن في القرآن الكريم مقتبسة من الآية

(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)

بمعنى ما يحدث للأولين كعاقبة لأعمالهم وأفعالهم نفسه يحدث للآخرين فقوانين الله واحدة وتطبق على الجميع بلا محاباة ولا واسطات.

نأخذ مثالا:

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ۚ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)
[سورة المائدة 66]

هنا يبين الله لنا أن من يقيم كتابه الذي أنزل إليه بأن يعمل بما جاء فيه ويقيم حدوده ويعمل بأوامره وينتهي عن نواهييه سواء كان هذا الكتاب هو التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو صحف ابراهيم أو القرآن الكريم فإنه سيأكل من فوقه ومن تحت رجليه كناية عن وفرة الرزق.

إذن كيف أتعامل مع آيات السنن؟

أولا أستخرج ذكر الله من الآية (أنزل، ربهم) ثم أعيد قراءتها بالتركيز على الذكر واستشعر ذكر الله.

ثم أتفاعل مع الآية وكأنها تخاطبني :
ولو أنهم : ماذا يا رب؟
أقاموا التوراة والإنجيل: فقط يا رب التوراة والإنجيل
وما أنزل إليهم من ربهم: إذن القرآن أيضا فهو أيضا أنزل إلينا من ربنا.
ماذا سيحدث يا رب لو أننا أقمنا ما أنزلته؟
لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم: سبحانك يا رب كم نحن مقصرين وظالمين لأنفسنا فكيف نحرم أنفسنا من هذا بظلمنا ورفضنا اتباع كتابك.

منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون: يا الله الأكثرية يسيئون ولا يقيمون ما أنزل إليهم. الأكثرية يسيئون لأنفسهم في الدرجة الأولى بعدم شكرهم لربهم بالعمل الصالح.

ثم أدعو الله أن يجعلني من الصالحين أو يعيذني من السوء وطريق السوء بحسب الآية:

ربنا لا تجعلنا من هؤلاء الأكثرية وأعنا على إقامة كتابك الذي أنزلته لنا.

ثم استخرج القانون من الآية..

فمثلا في هذه الآية :
(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ)

نجد القانون واضحا وهو :
من أقام كتابه زاد رزقه

مثال آخر:

(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
[سورة اﻷنعام 44]

هنا يبين الله لنا أن من ينسى ما ذكر به يفتح الله عليه كل أبواب الرزق استدراجا له حتى إذا وصل لمرحلة الفرح بنفسه وتفاخر بما عنده أخذه الله بالعذاب بغتة ودون سابق إنذار .
إذن إن رأيت من نفسي نسيانا عن الذكر أو تقصيرا أو ذنوبا ورأيت أن أبواب الرزق تفتح لي كلها فعلي هنا أن أقلق وأحاسب نفسي بقوة وأعود للطريق المستقيم قبل أن يأخذني الله بالعذاب بغتة.

كيف أتعامل مع الآية؟

استخرج ذكر الله فيها (فتحنا، أخذناهم)

أسبح الله في أفعاله (وحده من يفتح جميع أبواب الرزق ، وحده من يأخذ المسيئين بالعذاب )

أتفاعل مع الآية:
فلما نسوا: نسوا ماذا يا رب ؟
نسوا ما ذكروا به: يا الله أرسلت لهم من يذكرهم ولم يستجيبوا ونسوا. ماذا حدث يا رب بعدها؟
فتحنا عليهم: ماذا يا رب
أبواب كل شيء: يا الله ترزقهم وهم عصوك؟ ظننت أنك تفتح أبواب الرزق فقط لمن أطاعوك وتحبهم!
حتى إذا فرحوا: يا الله ترزقهم الى درجة أن يصلوا للفرح؟! ثم ماذا؟

أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون: يا الله! إذن فتح أبواب الرزق لمن ينسى الذكر ولا يعمل به هو استدراج!!!

ربنا اغفر لنا وارحمنا وردنا إليك ردا جميلا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأمتنا على ذلك.
ثم أستخرج القانون من الآية

(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
[سورة اﻷنعام 44]

أن الإستدراج قبل العذاب يكون بفتح أبواب الرزق وهو من المسيئين فعليه القلق والتوبة فورا.

مثال آخر :

(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)
[سورة هود 52]

نستخرج من الآية أولا ذكر الله فيها
(ربكم، إليه،يرسل،ويزدكم)

أقرأ الآية مرة أخرى قراءة ذكر وتسبيح بالتركيز على ذكر الله فيها وأنسب الأفعال إليه وحده.

ثم أتفاعل مع الآية

ويا قوم استغفروا ربكم : غفرانك ربنا إنا كنا من الظالمين.
ثم توبوا إليه: وماذا يحصل بعدها يا رب؟
يرسل السماء عليكم مدرارا: يا الله! ماء السماء تنزله علينا فتحيي به الأرض بعد موتها وتحيي قلوبا عطشة!! وماذا بعد يا رب؟
ويزدكم قوة إلى قوتكم: يا الله كم ظلمنا أنفسنا بتسويف التوبة فأرهقنا أنفسنا وأضعفناها.
ولا تتولوا مجرمين: يا رب أعنا على الثبات يا رب العالمين وأعنا على ذكرك كثيرا وشكرك كثيرا وحسن عبادتك .

ثم استخرج القانون من الآية

(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)
[سورة هود 52]

أن الإستغفار والتوبة سبب في القوة ونزول الغيث.

الآن جاء دوركم في التطبيق مع التمرين الأول:

تمرين رقم 1

تدبر الآية التالية بنفس خطوات الأمثلة السابقة

  • استخراج الذكر
  • قراءة الآية مرة أخرى مع استشعار الذكر
  • التفاعل مع الآية مع اسقاطها على واقعنا وحياتنا المعاصرة.
  • الدعاء
  • استخرج القانون واكتبه في عبارة واضحة.

(وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة المائدة 14]

أنتظر مشاركاتكم…

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *