قناة دروس التدبر:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
نكمل إن شاء الله رحلة التفكر والتسبيح لله بعد تأمل آياته في السموات والأرض
(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
[سورة الجاثية 5]
نتأمل اليوم إحياء الله الأرض بعد موتها بواسطة الماء الذي ينزله من السماء.
تخيلوا أولا نزول تلك القطرات على أرض جافة جدا.
أرض ميتة لا حياة فيها
لا نبات ولا مخلوقات حية
يصور الله لنا هذا المشهد بآية جميلة
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
[سورة فصلت 39]
تخيل أن سقوط تلك القطرة على الأرض قامت بعمل اهتزازة على التربة الميتة . أتخيلها وكأنها تهز الأرض الميتة بصعقة لتنقذها من الموت وتعود للحياة كما يفعل الطبيب عندما يتوقف نبض قلب مريضه .
قطرة يحيي بها الله تلك الأرض الميتة
فيخرج النبات وتحيا الأرض وتزخر بالكائنات فترى فيها الحيوانات والحشرات وغيرها.
ألا يذكرنا هذا بقدرة الله عز وجل في إحياء الموتى يوم القيامة؟
إذا كان قادرا على إخراج النباتات من أرض ميتة بقطرات ماء ألا يستطيع أن يخرج الناس يوم القيامة من قبورهم؟
بل أنه يشير سبحانه لهذا الموقف في قوله تعالى
(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الزخرف 11]
وفي قوله تعالى أيضا
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)
[سورة الروم 19]
كذلك يخرجنا الله عز وجل وكذلك جعل تلك الآيات أمامنا لتذكرنا بالآخرة فالتفكر يذكر أولي الألباب بيوم القيامة ليخافوه ويدعوا ربهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[سورة آل عمران 191]
جعل آية إخراجه للنبات وإحياء الأرض بعد موتها تذكرة لنا لتذكرنا بيوم النشور.
(وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُورُ)
[سورة فاطر 9]
وإلا فهو قادر على أن يرزقنا الطعام بغير نبات.
ألم يرزق بني إسرائيل المن والسلوى من السماء؟
(وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۖ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
[سورة البقرة 57]
ألم يرزقهم بمائدة من السماء؟
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
[سورة المائدة 114]
بلى
هو قادر على أن ينزل علينا الطعام كلنا يوميا
ولكنه جعلها تذكرة لنا
نتأملها
نتفكر فيها
نذكر الآخرة
ونستشعر قدرته وملكه وعظمته
فندعوه لينجينا من عذاب النار.
ولكن أين هم من يستفيدون من ذلك
يأكلون ولا ينظرون إلى الطعام إلا نظرة الشهوة والفرح بالشكل والطعم.
في حين أن الله وجهنا للنظر للطعام نظرة أخرى هي نظرة التفكر في خروجه من الأرض
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)
[سورة عبس 24 – 32]
ثم ماذا ذكر مباشرة بعد ذكر خروج الطعام ؟
(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ)
[سورة عبس 33]
ذكر اليوم الآخر
جعلني الله وإياكم من المتفكرين المتأملين.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
قناة دروس التدبر .
تجد فيها دروس لتدبر القرآن