بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
ازداد شوقنا للجنة بذكر النعيم فيها وما لذ وطاب فيها ولكي لا نركن للطمع ونرفع درجة الرجاء علينا أن نوازن بينه وبين الخوف لذا سنتحدث اليوم عن الفريق الثالث وهم أصحاب الشمال نعوذ بالله أن نكون منهم.
لماذا سماهم الله بهذا الإسم؟
لأنهم يأخذون كتابهم بشمالهم يوم تنشر الصحف فيقولون..
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)
[سورة الحاقة 25 – 29]
اقرأ الآيات وأن تتخيل أنك هناك وأنك تؤتى كتابك بشمالك واستشعر الخوف. هذا الخوف يعينك على التوازن.
وأصحاب الشمال حينما ذكرهم الله في الواقعة قال عنهم ليثير اهتمامنا لما سيخبرنا ويشد انتباهنا…
(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ)
[سورة الواقعة 41]
ثم يخبرنا سبحانه عن العذاب الذي ينتظرهم..
(فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ)
[سورة الواقعة 42 – 44]
سبحان الله!
أول ما بذكره عن مصير أهل الجنة هو الجنات والأشجار الظليلة لنتخيل النعيم والجو الجميل حيث لا شمس ولا زمهرير والأنهار الجارية.
بينما في النار العكس تماما
فالسموم هي الريح الحارة جدا والحميم هي المياه الساخنة جدا بل حتى إن ظلهم من يحموم أي من دخان أسود.
تخيل معي أنك جالس في مكان تهب عليه الريح الساخنة جدا (ربما لن يتخيل هذا إلا أهل الخليج) ريح حرارتها تلهب الجلد وتريد شرب الماء أو تسكبه على رأسك لتنعشك وتبردك فإذا هي ساخنة جدا وحارقة. ثم تبحث عن ظل لتجد تحتها الراحة من هذه الحرارة فإذا الظل هو دخان أسود كثيف وليته كان ظلا باردا بل هو ظل ساخن جدا.
فهل تتخيل أنك تستمر في جو كهذا دون راحة للأبد؟!
نحن في الخليج قد تصل الحرارة للخمسين درجة مئوية مع هبات ساخنة من الرياح وكأنها خارجة من مجفف الشعر الساخن لو بقينا خارجا لمدة طويلة دون راحة في الظل أو شرب الماء البارد باستمرار لتبريد الجسم وسكب بعضه على الرأس لتعرضنا لضربة شمس أو تجفاف وسقطنا أموات وهذا ليوم واحد فقط فكيف بالبقاء هكذا للأبد حيث لا ظل ولا برودة؟
تشعر أنك تريد الموت ولا تموت.
(يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ)
[سورة إبراهيم 17]
ويتمنى الموت فيدعو على نفسه بالموت ولا يستجاب له.
(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ۖ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)
[سورة الزخرف 77]
سبحان الله هل لا حظتم الفرق
بين ظلال الجنة الممدودة الباردة وبين ظلال النار التي لا هي باردة ولا كريمة المنظر؟
رفضوا عبادات فرضت عليهم بحجة الحرارة..
الحجاب.. حر
العباءة.. حر
الصلاة في المسجد.. حر
الصلاة في البيت… الماء حار
الحج.. حر
الجهاد… حر
قل نار جهنم أشد حرا..
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)
[سورة التوبة 81]
سبحان الله الجزاء من جنس العمل.
نقطة أخيرة أحببت أن أشير إليها أن الله لم يخلقنا لنتعذب في النار بل خلقنا ليكرمنا بالجنة إلا من أبى.
ولو لاحظنا دوما في كل سورة سنجد بأن آيات ذكر النعيم أكثر من آيات ذكر النار.
ولكم في سورة الإنسان أعظم مثال..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.