بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
ان شاء الله الدورة ستكون لاصلاح بوصلة الحياة لتؤشر للطريق المستقيم بعد ابعاد مغناطيس الحياة الدنيا الذي يأثر على مؤشر البوصلة ويجعلها تتذبذب ولا تدل على اتجاه ثابت. وسيكون هناك محاولة للتوازن بين الخوف والطمع ان شاء الله أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا
لذلك سنتكلم كثيرا عن الحياة الدنيا لنعلمها كما أمرنا الله عز وجل وعلمنا.
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة الحديد : 20]
اعلموا …فعل أمر يأمرنا الله عز وجل أن نعلمها وهذا العلم يكشف لنا حقيقتها .
نجد أنفسنا في مواقف معينة وكأن غشاوة تزال عن أعيننا ونراها على حقيقتها ونكشفها .
أمثلة من هذه المواقف:
عند المرض الشديد
عند وفاة حبيب
عند ألم شديد ومستمر
عندما نصاب بمصيبة كنقص من اﻷموال او ديون كثيرة متكالبة علينا
فنشعر بثقل الدنيا علينا
ألا تشعرون بذلك؟
في تلك المواقف يعود الإنسان لفطرته ويكتشف حقيقة الدنيا وتلك هي الدنيا فعلا!
وقد سمى الله سبحانه وتعالى الدنيا بعدة مسميات تكشفها أيضا.
وصف ما فيها بالزهرة
(وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ((زَهْرَةَ )) الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) [سورة طه : 131]
والزهرة تموت سريعا وتذبل وكلما تمسكت بها بكثرة كلما فسدت .
لاحظوا بتلات الزهرة اذا استمريت بامساكها تذبل بسرعة أكبر من لو أنك لم تلمسها
وسمها بالدنيا لأنها دنية لدنوها
وسماها بالعاجلة
(إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) [سورة اﻹنسان : 27]
تسرقنا الساعات والثواني تجري بعجلة ولا نجد أنفسنا إلا في القبر!
تعيش في الدنيا عشرين اربعين سبعين سنة وفي اﻻخرة كأنك عشت وقت الضحى والعشي قال الله تعالى:(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) [سورة النازعات : 46]
لاحظوا في آية خلق الإنسان معي
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [سورة المؤمنون : 14]
ذكر المراحل بالتفصيل مرحلة بعد مرحلة ولكنه عندما انتهى فاجأنا
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ) [سورة المؤمنون : 15]
أين مراحل الحياة؟
أين الطفولة والشباب ؟
أين الشيخوخة ؟
أين الزواج والوظيفة؟
لم يذكرها من شدة عجلة هذه الحياة الدنيا
وكأن من سرعة الدنيا
هي اسرع من مراحل الحمل تسع شهور
سبحانك ربي
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ) [سورة المؤمنون : 16]
وسماها أيضا بالأولى
(وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ) [سورة الليل : 13]
ليذكرنا أن هناك حياة أخرى فلا نتشبت بهذه
(وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ ((الْحَيَوَانُ ))ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [سورة العنكبوت : 64]
هناك الحياة في اﻵخرة وليست في الدنيا.
الحياة الدنيا ذكرها الله انها حياة اي حياة واحدة فقط
أما الآخرة قال عنها الحيوان
والحيوان هي جمع الحياة
هده صفة الخلود سوف يعيشها الإنسان
ليست حياة واحدة إنما خلود إذ لا موت.
والأشقياء يدركون هذا في اليوم اﻵخر ويقولون
(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) [سورة الفجر : 24]
هناك يدرك أن الآخرة هي الحياة
ووصفها بأنها لعب ولهو في عدة آيات
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [سورة اﻷنعام : 32]
أفلا تعقلون؟
بلى يا رب
سؤال من الله عز وجل
والكثير لا يعقل هذه الحقيقة
إلا عند المصائب تجده يشتاق للآخرة والجنة بالفعل
و يتمنى لو يفارق الدنيا ولا يواجه متاعبها
ثم سرعان ما يعود للنسيان
(إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) [سورة محمد : 36
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة الحديد : 20]
اعلموا …تعلم الحياة الدنيا أمر إلهي وعلينا تعلمه وذكر ذلك.
ووصفها بالفصول الأربعة
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ ((كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا )))ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة الحديد : 20]
تعجب بكل ما فيها أول مرة كاعجاب الزراع بالغيث بعد انقطاع
ثم يصبح كالنبتة التي تهيج مصفرة وتصير حطاما.
الزوجين يعجبان ببعضهما بداية الزواج
ثم يصبح كل منهما شيخا ” يهيج مصفرا” ثم يكون حطاما
السيارة والمنزل والهاتف والحاسوب يفرح به ثم بعد فترة يهيج مصفرا ويختفي الإعجاب ثم مصيره الحطام
كل شيئ جديد يعجينا
ثم يصبح حطام
حتى اعجابنا به مؤقت
سبحان الله
ومهما كان الشئ غالي
مجرد ما نملكه نزهده بعد فتره.
وكذلك كل شيء في هذه الدنيا يوجهنا الله عز وجل أن لا نفرح بها لأنها إلى حطام حتى لا نتعلق بها.
لذلك اﻵية التي بعدها
يشجعنا للسباق للآخرة التي هي خير.
(سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [سورة الحديد : 21]
الجنة تحتاج لسباق .. تحتاج إلى مسارعة
ثم يذكرنا بالمصائب وأنها مقدرة إذا لم ولن يعيش انسان فيها بلا مصائب فلا نحزن لأنها مقدرة من قبل أن يخلق الأرض
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [سورة الحديد : 22]
الحمدلله يبتلينا لنعود اليه
ثم ركزوا ….
ينبهنا لمسألة الفرح بما في الدنيا والاعجاب المؤقت
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [سورة الحديد : 23]
لذلك علينا أن لا نغتر بها
ينبهنا بالمصائب حتى لا نجزع على دنيا زائلة عاجلة.
تابع…
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.