بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه.
نبدأ على بركة الله دورة يا أرض اخشعي الجزء الثالث متبعين في ذلك المنهج القرآني للوصول للخشوع القلبي والتوازن لنصل بإذن الله لحالة من التوازن ونصل بإذن الله تعالى للتجافي عن المضاجع خوفا وطمعا.
(تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)
[سورة السجدة 16]
ذكرنا في الجزأين الأول والثاني طرقا لتليين القلوب مثل:
الذكر الكثير
التفكر والتأمل
العفو والصفح
التواضع والخضوع للآيات والعمل بها.
ترك المعاصي والتوبة النصوح.
ولكننا لم ننتبه لنقصان عامل مهم جدا وهو التوازن بين الخوف والطمع.
فالخوف نجده بذكر الموت و اليوم الآخر.
فذكر الموت يعيننا على الوصول للخشوع القلبي.
تأملوا معي هذا الربط الرباني…
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ((الْخَاشِعِينَ)) * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ ((مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))
[سورة البقرة 45 – 46]
والعكس صحيح فالغفلة عن الموت والآخرة يقودنا للهو وحب الدنيا.
تأملوا معي..
(إِنَّ الَّذِينَ ((لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا)) ((وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا)) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا ((غَافِلُونَ))
[سورة يونس 7]
وأيضا قوله تعالى:
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ((وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ)) مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)
[سورة اﻷنبياء 1 – 3]
أيضا نجد من يكره الموت هو الغافل عن ذكر الله ولذلك يحب الحياة ويود لو يعمر ألف سنة لأنه منغمس في المعاصي ويخشى لقاء الله في حالته تلك.
(قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)
[سورة البقرة 94 – 96]
لذلك وجدت أن أفضل طريقة لتليين القلب والوصول للخشوع هو ذكر الموت واليوم الآخر بما فيه من ترغيب أو ترهيب بالإضافة لآيات التفكر حيث أن التفكر يقود أولي الألباب لتذكر الآخرة والوصول للخوف ليتوازن مع الطمع وهو الخوف المحمود المؤدي للمسارعة في الخيرات.
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[سورة آل عمران 190 – 191]
كانت هذه مقدمة بسيطة لدورتنا التي نرجو فيها الله أن يفتح لنا أبواب رحمته ويعلمنا الوصول للتوازن لتتجافى جنوبنا عن المضاجع.
كالعادة سنتبع المنهج القرآني في ذلك متدبرين سورة من القرآن تذكرنا بالموت والآخرة عسى أن يهيئ لنا ربنا من أمرنا رشدا….
نبدأ من الغد بإذن الله تعالى ولمن أراد الإستفادة تطبيق الدروس التطبيقية الخاصة بالدرس في البكرة والأصيل..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.