الدرس الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ الليلة دورة تصفية الملفات قبل الوفاة للشيخ داوود بو سنان في دروس القيام والبكرة والأصيل بإذن الله نحاول فيها تغطية الدروس خلال اسبوع قبل أن ندخل على الليالي العشر ان شاء الله نسأل الله أن ينفعنا بها وأن ييسر لنا نقلها.
سورة التحريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8).

المحاضرة الأولى : مشهد من مشاهد يوم القيامة ( الأشقياء على حافة نار جهنم ) .

سورة الأنعام : وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) .

الله تعالى ينقل لنا مشهد من مشاهد يوم القيامة ، حيث الأشقياء على حافة نار جهنم ، (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) ، على الحافة ، على وشك الدخول .

سورة التحريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6).

وبالتحديد الأشقياء على حافة نار جهنم ، والملائكة يشرفون على إدخال الأشقياء نار جهنم ، استحضر وتخيل وتصور الأشقياء في هذا الموقف ، والأشقياء يطلبون أن يردوا إلى هذه الحياة ، التي لا زلنا نحن فيها الآن ، (فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ) ، ماذا سيفعلون هنا في الدنيا ، (وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، فهم وهم على حالهم تلك على وشك الدخول إلى نار جهنم ، يطلبون العودة إلى الدنيا لكي لا يكذبوا بآيات الله ، ولكي يؤمنوا بها ايماناً يقينياً .

(فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) هذه هي أعظم نعمة ، في هذا الوجود ، وهي الحياة في ظل الإيمان بالآيات ، وعدم التكذيب بشيء منها ، لأن الحياة في ظل الإيمان بالآيات تولد عملاً صالحاً ، وهو ما يطلبونه في سورة السجدة .

سورة السجدة : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) .

يعني نفس الطلب ، الذي بينه الله في سورة الأنعام ، والذي يطلبه الأشقياء ، نفس الطلب ذكر أيضاً في سورة السجدة .

(رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا) الأن أبصروا الحقيقة ، والأن سمعوا الحقيقة ، (فَارْجِعْنَا) يطلبون الرجوع إلى الدنيا ، وذلك لكي : (نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) وبالجمع بين الآيتين ، معنى ذلك أنهم يطلبون الرجوع إلى الدنيا من أجل الإيمان بالآيات والعمل الصالح ، ولذلك غالباً ما يأتي الإيمان مصحوباً بالعمل الصالح ، وذلك مثل :

سورة البقرة : وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ… (25)

سورة البقرة : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)

سورة النساء : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ … (57)

سورة النساء : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ … (122)

سورة المائدة : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)

سورة يونس : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)

سورة هود : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)

سورة الرعد : الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)

سورة ابراهيم : وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

سورة الكهف : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)

سورة الكهف : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)

سورة مريم : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)

سورة الحج : إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)

(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)

هذا هو الإيمان الحقيقي ، الإيمان الحقيقي هو الذي يولد عملاً صالحاً ، والإيمان المراد به هو الإيمان بالآيات ، لآن الآيات تتضمن حقائق غيبية ، من أجل أن يعملوا صالحا .

سورة العصر : وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3).

سورة الأنعام : وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) .

جميع الأشقياء وبدون استثناء يدركون قيمة هذه الحياة ، قيمة هذه الأنفاس ، التي نحن ما زلنا نتمتع بها ، ويطلبون العودة إلى الدنيا ، ولكن هل الله تعالى سيستجيب لهم ؟

كلا ، وعوضاً عن ذلك الله سيريهم أعمالهم ، (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) ، بدا يعني ظهر ، الله تعالى يريهم أعمالهم السيئة القبيحة قبل دخولهم نار جهنم ، لكي يدخلوا جهنم وهم مقتنعون ، تمام الاقتناع ، بأنهم يستحقونها ، وأن الله لم يظلمهم .
(بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) ماذا كانوا يخفون من قبل ؟

السيئات ، الأشقياء عندما كانوا هنا في الدنيا ، ماذا كانوا يخفون ؟ الشقي كان يخفي السيئات ، والله يظهر له هذه السيئات التي كان يعملها في الدنيا ، يظهرها الله له على حافة نار جهنم ، لكي يقتنع تمام الاقتناع أنه يستحق دخول نار جهنم ، وأن الله لم يظلمه .

وما يأكد هذا قوله تعالى في سورة الزمر :
سورة الزمر : وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)

وكذلك في سورة الجاثية :
سورة الجاثية : وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33)

وسيتبين لنا مع الآيات أن ما سيظهر لهم شيء كثير ، لم يكونوا يتوقعونه ، لم يكن في حسبانهم اطلاقاً ، بسبب عامل النسيان ، عندما كانوا يرتكبون السيئات في الدنيا ، كانوا لا يتذكرونها ، تمر الأيام والأسابيع والشهور والسنوات ، وهم يرتكبون السيئات ، السيئات تلو السيئات ، ولا يتوقفون عن ارتكابها ، سينسون الكثير منها .
ركز : في سورة الزمر :
سورة الزمر : وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)

ما لم يكونوا يتوقعون ، وسنرى أن كل شقي يفاجئ ، يصاب بمفاجئة ، يفاجئ بأعماله السيئة القبيحة ، بكثرتها ، بكثرة حجمها ، لأنه كان في الدنيا يعملها وينساها .
سورة الزمر : وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)
يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *