اعرض نفسك على كتاب الله (ج٦)

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم اسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينغعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
نتابع عرض أنفسنا على كتاب الله تحديدا آيات المنافقين لنرى أنحن منهم والعياذ بالله أم لا…
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) [سورة النساء : 145]
(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ ((وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ )) فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) [سورة النساء : 146]

من صفات التائبين المقبولة توبتهم من النفاق هو إخلاصهم في دينهم لله.
والإخلاص عكس الرياء الذي هو صفة للمنافقين.
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ ((يُرَاءُونَ النَّاسَ))وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [سورة النساء : 142]

والإخلاص صفة من صفات المؤمنين.
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [سورة البينة : 5]

المنافق لا يتمكن من الإخلاص لله في أعماله . يعمل للناس أو لنفسه.
ليقال عالم أو فقيه أو قارئ أو عابد أو شيخ أو متدين أو كريم أو منفق .
حتى وإن قام بأعمال في الخفاء فلن يصبر حتى يخبر الآخرين حتى لا يضيع عمله دون معرفة الناس به. يهمه أن يراه الناس هكذا ويهمه أن يظنه الناس هكذا.
يخطئ ويقصر في دينه بينه وبين الله ولكن يخبر الناس عنه أمور لم يقم بها أو لا يقوم بها.
يصلي القيام ليخبر الناس في الصباح انه قام الليل يعني هذه النية ترافقه أثناء قيامه.
ينفق ليخبر .
همه رأي الناس به…
المنافق لا يعلم ولا يشعر أنه منافق
(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ((وَمَا يَشْعُرُون))َ) [سورة البقرة : 9]

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ((وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ)) [سورة البقرة : 13]

هم حقا لا يشعرون ولا يعلمون لأن الله الحق سبحانه أخبرنا بذلك.
لأنهم تركوا الذكر الكثير الذي يخرجهم من الظلمات إلى النور .
عاشوا في ظلمات شديدة لدرجة لم يروا فيها أنفسهم فلم يعلموا ولم يشعروا بنفاقهم.
(أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [سورة النور : 40]

استوقدوا نارا في بداية ايمانهم بالذكر الكثير ينير لهم ثم تركوه فجعلهم الله في الظلمات
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ) [سورة البقرة : 17]

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) [سورة البقرة : 18]

فالمنافق آمن ثم كفر
(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ) [سورة المنافقون : 3]

كلما رأوا نورا عارضا مشوا عليه مثلا حضروا محاضرة ذكر رأوا فيها نورا تأثروا بها وأبصروا ونووا التوبة .
بمجرد خروجهم واختفاء ذلك النور عادوا كما كانوا!!
(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ ((مَشَوْا ))فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ((قَامُوا ۚ)) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة البقرة : 20]
قاموا بمعنى توقفوا ينتظرون نورا آخر ليمشوا فيه.
ليس لهم نور ولم يستوقدوه في قلوبهم اعتمدوا على أنوار المؤمنين في الدنيا ويوم القيامة ينادونهم انتظرونا نقتبس من نوركم!
(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا ((انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ))قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [سورة الحديد : 13]

اعتادوا في الدنيا أن يكتفوا بالاقتباس من نور المؤمنين بدلا من أن يستوقدوا نورا لهم من الذكر الكثير.
ويوم القيامة يكتشفون الحقيقة في لحظات صادمة جدا

((يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَى))ٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [سورة الحديد : 14]
كانوا مع المؤمنين في رمضان صاموا معهم وهم في الظلمات
كانوا معهم في الحج والعمرة حجوا في الظلمات
كانوا معهم في المسجد صلوا في الظلمات.
كانوا معهم ولكنهم فتنوا أنفسهم وتربصوا وارتابوا وغرتهم الحياة الدنيا..
هؤلاء هم المنافقون وهذه هي صفاتهم وحقيقتهم فهل نحن منهم؟
إن كانت الإجابة نعم فالحمد لله أن عرفنا ذلك في الدنيا لنتدارك أنفسنا قبل أن يأتي أمر الله .
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *