آية 5

بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين. وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما . رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

وصلنا إلى المفتاح الخامس من مفاتيح الفاتحة بإذن الله
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

الآية تنقسم لقسمين نبدأ ب إياك نعبد أولا
إذا راجعنا أنفسنا وقلوبنا لنختبرها هل توصلنا إلى عبادة الله كإله واحد لا شريك له أم أن هناك من يشاركه دون أن نشعر وهو الشرك الخفي؟!
أول إله علينا أن نبحث عنه إن كان ما زال في قلوبنا أو لا هو هوى النفس!
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) [سورة الفرقان : 43]

فمن اتخذ من هوى نفسه إله.
فلا وكيل له لا ربنا ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ولا غيره من العالمين.
ليست هذه المشكلة فقط ولكنه قفل يمنع عنك تدبر القرآن

(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [سورة الجاثية : 23]

حتى لو كان على علم ولكن ختم الله على قلبه قفل كبير على القلب
قفل فما كان في داخله لا يخرج وما كان خارجه لا يدخل فكيف يهتدي ؟
وختم على سمعه فلا يرضى بأن يسمع كلام الحق وما سمعه من هواه وما بداخله يكفيه.
و جعل على بصره غشاوة فلا يرى إلا ما يراه كرأيه الشخصي
(…..ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [سورة غافر : 29]

لأنه مختوما عليه فلا يرى إلا رأيه فضل وأضل .
هؤلاء المختوم عليهم بسبب اتباعهم وعبادتهم لأهوائهم لن يستجيبوا للهدى.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة القصص : 50]

والإنسان لا يصل مرحلة اتباع الهوى أو اتخاذه إله إلا إذا نسي الآخرة لا يذكرها ولا يعمل لها كما ينبغي لمن يؤمن بها حقا
قلنا أن الإيمان هو التصديق فإذا صدقت فعلا كان لك رد فعل مناسب وصحيح اتجاه ما صدقته.
إذا قلت لك أن أفعى بجانبك إذا صدقتني كان رد فعلك الصحيح والذي يثبت تصديقك لي هو أن تقفز من مكانك.
وإذا لم تصدقني ستسخر مني وتجلس غير آبه بالأفعى.

التصديق يقتضي رد فعل وعمل في المثال العمل كان القفز .
والإيمان بالآخرة والتصديق به حقا يقتضي رد فعل صحيح
وهو العمل الصالح والإخلاص بعبادة الله وحده لا شريك له.
(فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ) [سورة طه : 16]

من صفات من يتخذون أهواءهم آلهة أنهم
لا يستجيبون للقرآن وأوامر الله
يتبعون آراءهم الشخصية
لا يؤمنون بالآخرة
لا يذكر الله ذكرا كثيرا
وبالتالي لا يتدبر القرآن لأنه مختوما على قلبه وسمعه وبصره
(….وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [سورة الكهف : 28]

هم الغافلين عن الذكر الكثير .
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

الإخلاص في عبادة الله من مفاتيح القلب .
وهناك أيضا طرق أو آلهة أخرى يتخذها بعض الناس بغير علم .
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [سورة الحج : 11]

أن تعبد الله للحصول على فائدة دنيوية
ليس هذا من الإخلاص في العبادة.
تعبده لتحصل على شيء فإن حصلت عليه اطمأن قلبك وعدت كما كنت غافلا وإن لم يحصل عليه انقلب وانتكس وفي الحالتين خسر الدنيا والآخرة وهذا هو الخسران المبين
(يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) [سورة الحج : 12]

أيضا أن ندعو أحدا من دون الله من لا يضرنا ولا ينفعنا
كالمثل الذي ضربه ربنا بالذبابة
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [سورة الحج : 73]

أن ندعو غير الله ظانين أن بيدهم الخير أو أن الخير لن يأتي إلا لو هم تدخلوا .
نطلب توسطهم في موضوع أو نتوسل لهم لحل أمر أو انفاذ أمر
الرياء أيضا من أنواع الشرك بالله شركا خفيا

أن تعمل صالحا ليقولوا أو يظنوا فيك خيرا أو يمتدحوك.

(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) [سورة النساء : 38]

يضيعون أعمالهم باشراك غير الله في نواياهم بغير علم
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

إياك نعبد ..
تقولها من قلبك
لك يا الله أعبد مخلصا لك الدين أبتغي به وجهك ورضاك وحدك..
هذا مفتاح من مفاتيح القلوب بدونه .يختم عليه ويقفل
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

وإياك نستعين ..
نستعين به وحده لأنه الهدى والنور عنده وحده وهو الذي يمنحه لنا إن شاء
ربما نعبده ونظن أننا مهتدون ونكتشف يوم الندامة أننا ضالون مضلون
(فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [سورة اﻷعراف : 30]

يوم القيامة قد تأتيه بجبال من الأعمال وتكتشف أنها كسراب بقيعة يحسبه الضمئان ماءا
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [سورة النور : 39]

أو تعبده وتظن أنك عملت المطلوب وزيادة وتجد يوم القيامة أن ربك ينسف أعمالك كلها وتصبح رمادا يتطاير
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) [سورة إبراهيم : 18]

فلا يكفيك أن تعبد الله فقط
ولكن أن تعبده مخلصا وأن تستعين به ليهديك سبيل الرشاد.
بدون أن تستعين به لن تجد الهدى والقرآن هو الهدى والرحمة
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [سورة الفاتحة : 5]

المفتاح الخامس للقلب في الفاتحة
أن تعبد الله مخلصا وأن تستعين به لتعبده على هدى ونور.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *