آية 4

بسم الله الرحمن الرحيم وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي . رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
وصلنا اليوم بإذن الله إلى المفتاح الرابع في الفاتحة
نسأل الله أن يفتح مغاليق قلوبنا لتدبر القرآن
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [سورة الفاتحة : 4]

إذا تدبرنا قوله مالك يوم الدين أو ملك يوم الدين حسب القراءات الأخرى.
فماذا سيكون رد فعلنا الصحيح تجاه الآية؟
ما الذي يهم المؤمن في الدنيا ؟
يهمه النجاة يوم الدين.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى هو الملك وله الملك فإلى من سنلجأ للنجاة؟
(يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [سورة غافر : 16]

فإذا كانت النجاة الحتمية هي باللجوء لمالك يوم الدين فما هي الطريقة السليمة للجوء إليه؟
اللجوء إلى رسالته إلى الكتاب الذي أنزله ففيه خارطة الطريق فيه هدى للمتقين.
ورسالته تأمرنا بالذكر الكثير وتسبيحه كطريقة مضمونة للخروج من الظلمات إلى النور .
فهل يستطيع الإنسان أن يتدبر القرآن بدون ذكر كثير وبدون خروج من الظلمات ؟
قد يظن أنه يستطيع ولكن لكونه في الظلمات فسوف يأتي بمعاني فاسدة ضالة يقحم فيها هوى نفسه فيها

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) [سورة البقرة : 26]

هذا مثال لآية يضل بها الله كثيرا ويهدي بها كثيرا .
يضل بها من كان في الظلمات لأنه يستنتج من الآيات ما يناسب هواه.
ويهدي به من كان في النور وكان في ذكر كثير .
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [سورة الفاتحة : 4]

لذلك علينا إن أردنا تدبر القرآن أن نتشبث بمن هو منجي لأولياه بالذكر الكثير في كتابه الكريم
(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة : 257]

المسألة مسألة نجاة ولن تنجو إلا إن كان الله وليك لأنه هو مالك يوم الدين لن ينفعك غيره أبدا
الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور . في حين أن أصحاب النار ما لهم من دون الله من ولي ولا نصير.
وكيف يخرجك يتخذك الله وليا ويخرجك من الظلمات إلى النور؟
(رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا) [سورة الطلاق : 11]

بتلاوة آياته البينات
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [سورة الفاتحة : 4]

إذا تدبرتها جيدا علمت أنه لن ينجيك إلا هو مالك يوم الدين وعلمت أن من يلهيك عنه من أموال وأولاد لن ينفعوك يوم الدين وستجتهد في الذكر الكثير
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [سورة المنافقون : 9]

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة الممتحنة : 3]
لن ينفعوك لأنهم لا يملكون يوم الدين.
يوم القيامة يفصل بينكم لن تجدهم سيفرون منك هاربين
(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) [سورة عبس : 34]

(وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [سورة عبس : 35]

(وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [سورة عبس : 36]
(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [سورة عبس : 37]

كلهم سيفرون منك وستفر منهم ولكن واحد هو من لن تجد عنه مفرا
(يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) [سورة القيامة : 10]

لن تجد مفرا من مالك يوم الدين
تدبرها جيدا واستشعرها دعها تدخل قلبك
مالك يوم الدين!
أغمض عينيك ورددها واستشعرها
بماذا تشعر؟
بالرهبة والخوف أكيد والشعور بالرغبة في الفرار إليه طلبا للنجاة
وهذا هو المفتاح الرابع.
لن يتمكن قلبك من تدبر القرآن جيدا بدون الفرار إلى الله بالذكر الكثير لتكون في معيته سبحانه وتحت ولايته.
لن يتدبر قلبك إلا إذا كان قلبا ذاكرا ذكرا كثيرا . لن يتدبر إلا إن كان في النور حتى يستخلص الهدايات منه والعبر.
فإذا أدخلتها في قلبك اتبعتها واتباعها باتقاء غضب مالك يوم الدين.
أيضا باتقاء معصيته لأن المعاصي تحيط بك وكأنك في دائرة مغلقة لا تستطيع معها الخروج من الظلمات إلى النور.
مالك يوم الدين
الآية كفيلة بجعلك تهابه وتخشاه فإذا اتقيته وتبت واستغفرت كان ذلك معينا لقلبك لهدم جدر الأكنة التي تتكون عليها بسبب المعاصي
مالك يوم الدين
الآية كفيلة بجعلك تهابه وتخشاه فإذا اتقيته وتبت واستغفرت كان ذلك معينا لقلبك لهدم جدر الأكنة التي تتكون عليها بسبب المعاصي
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) [سورة الكهف : 57]

ونسي ما قدمت يداه من المعاصي..
نسيها ولكنها تسببت له بمغاليق عن الذكر في العين والأذن والقلب.
مالك يوم الدين.
تجعلك تفر من المعاصي ومن الملهيات عن الذكر ومن الأهواء الظلمات إلى مالك يوم الدين بالتقوى والخشية والذكر الكثير
مالك يوم الدين
إذا نزلت قلبك وصدقتها حقا وكان لك رد فعل صحيح اتجاهها فقد حصلت على المفتاح الرابع من الفاتحة.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *