بسم الله الرحمن الرحيم. وبالمعين نستعين وباسميه العليم والحكيم نسأله أن يؤتينا علما وحكمة من لدنه إنه هو العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما . رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
سورة الفاتحة أول سورة في الكتاب المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن هل تفكرنا في تسمية السورة بهذا الإسم؟
الفاتحة هي تفتح ولكن تفتح ماذا ؟
ما هو الشيء المغلق الذي تفتحه الفاتحة؟
“أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها “
الفاتحة بتدبرها تكتشف أن كل آية من آياتها السبع هي مفتاح لمغلاق من مغاليق القلوب التي تمنعنا من نزول الآيات في القلب لتدبرها
كيف؟
دعونا نمر على كل آية منها .
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
أول مفتاح لتدبر القرآن هو أن توقن أن الله وحده بحوله وقوته هو من يعلمنا القرآن ولن نجد علما حقيقيا إلا بإذنه.
هو الله الذي يرزق علم القرآن وعلم بيانه لمن شاء من عباده
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَٰنُ) [سورة الرحمن : 1]
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) [سورة الرحمن : 2]
(خَلَقَ الْإِنْسَانَ) [سورة الرحمن : 3]
(عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [سورة الرحمن : 4]
فربنا الرحمن هو من يعلمنا القرآن والبيان باسمه الرحمن
وأيضا هو من يوحي لنا بفهم وتدبر الآيات ويزيدنا علما
(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [سورة طه : 114]
وهو من يرزق العلم والحكمة ولن تجده عند غيره
(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة النمل : 15]
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [سورة يوسف : 22]
فتيقن أن العلم والحكمة إنما هي فضل من الله فاسأله من فضله هو فقط ولا تسأله من غيره.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
إذا تفكرنا في أسمائه التي اختارها في البسملة لوجدنا المفتاح الأول.
هو الله بمعنى هو الإله الواحد الذي لا إله إلا هو وهو من أنزل هذا الكتاب لذلك لن تجد أحدا يبين لك ما فيه أفضل من كاتبه.
فهو من أنزله وله العلم كله يؤتيه برحمة منه لمن شاء من عباده.
تخيل لو أن كاتبا ألف كتابا مهما وجاء ليشرح كل حرف منه .وجاء آخر قرأ الكتاب مرات عديدة من منهما سيشرح الكتاب أفضل من الآخر؟
أكيد كاتب الكتاب سيكون أفضل في شرح كتابه من أي قارئ أو حافظ له.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
والرحمن هو الذي برحمته يعلمنا القرآن لننجو من النار ونعلم أين الطريق المستقيم ونثبت عليه.
فالرحمة تترافق مع تعلم القرآن
(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) [سورة الكهف : 65]
برحمته يعلمنا ويبين لنا .
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
ثم اسمه الرحيم والذي يكون خاصا لعباده المؤمنين.
والذين هم الذاكرين له ذكرا كثيرا في القرآن
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) [سورة اﻷحزاب : 41]
(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [سورة اﻷحزاب : 42]
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [سورة اﻷحزاب : 43]
فهو بالمؤمنين رحيم
المؤمنين الذين يستجيبون لهذا الأمر الذكر الكثير والتسبيح بكرة وأصيلا به يفتح الله عليهم برحمته ويخرجهم من الظلمات إلى النور فيستنير القلب ويتدبرون القرآن.
وهذه هي خارطة الطريق للتدبر
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
بالتوكل على الله وحده واليقين بأن ربنا هو من سيعلمنا بالفهم تدبر آياته نكون قد تخطينا المغلاق الأول ومشينا خطوة في الطريق إلى التدبر لكتاب الله
فمن صفات المؤمنين التوكل على ربهم
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [سورة اﻷنفال : 2]
فكلما رددت البسملة قبل كل سورة فتذكر أنك تنوي التوكل على الله في تدبر آياته راجيا رحمته بأن يؤتيك علما وحكمة من لدنه
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
لا تتكاسل عن ترديدها فهي تعطيك النور لأنها من آيات الله البينات التي بها تخرج من الظلمات إلى النور
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [سورة الحديد : 9]
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [سورة الفاتحة : 1]
تفكر بها وتدبرها حتى تنزل بإذن ربك إلى قلبك فتفتح لك بنورها قلبك لفهم كتابه
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك